3683 - عن جابر رضي الله عنه قال: قالت امرأة بشير: أنحل ابني غلامك وأشهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابنة فلان سألتني أن أنحل ابنها غلامي وقالت أشهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال "أله إخوة؟ " قال: نعم. قال "أفكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟ " قال: لا. قال "فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على حق".
-[المعنى العام]-
المال والحرص عليه من أهم أسباب الشقاء الإنساني في هذه الحياة، يورث الشقاق بين الإخوة وذوي الأرحام ويزرع عقوق الأبناء للآباء، من أجل هذا اهتم الإسلام بتصرف الآباء في مالهم مع الأبناء. لقد وضعت القواعد والقيود والفرائض في الميراث، ورضي المسلمون بحكم الله فيه، ولم يعد أداة للنزاع، أو سببًا للفرقة والبغضاء. فماذا عن تصرفات الآباء في حياتهم؟ هل يسوون بين أولادهم؟ أو يتبعون النوازع النفسية، وزيادة حبهم لبعض الأولاد فوق حب البعض، لا نقاش في درجات الحب القلبي، ولا عقوبة على ميل الآباء للبعض فوق البعض، فذلك مما لا يملكه البشر، إنما النقاش في عدم المساواة بين الأولاد في العطاء المادي، وقد تتعدد أمهات الأولاد، فتكون لإحداهن حظوة ودلال على الأب تحاول من خلاله تمييز أولادها عن أولاد ضرائرها في مال أبيهم، وها هي عمرة بنت رواحة تطلب من زوجها بشير بن سعد أن يمنح ابنها منه النعمان منحة يختص بها دون إخوته من ضرائرها، ويماطل زوجها في الإجابة، وتلح في الطلب، وتمضي سنة وبعض أخرى، وعمرة تلح، وبشير يراوغ ويماطل، حتى هددته بالتوقف عن تربية النعمان ورعايته إذا لم يمنحه عبدًا يملكه، أو حديقة هي أعز أمواله، ولم يجد بشير بدا من إجابتها، فوهب للنعمان عبدًا غلامًا، أو حديقة، أو الأمرين، وخافت عمرة من تراجع بشير أمام ضغط الأبناء الآخرين وأمهاتهم، فطلبت منه أن يشهد على هذه المنحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، توثيقًا وتمكينًا وتبركًا، وذهب بشير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصحب معه ابنه، يحمله في بعض الطريق لصغره، ويمشي معه في بعضه، حتى وصلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال بشير: يا رسول الله، إن النعمان هذا ابني من عمرة بنت رواحة وإنها طلبت مني أن أمنحه عطية، فوهبته غلامًا هو أحب ما لي إلي، فقالت لي أمه: لا يرضيني إلا أن تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الهبة.
فاشهد يا رسول الله أنني منحت ابني النعمان هذا الغلام. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألك ولد سواه؟ قال: نعم قال له: أأعطيت أولادك الآخرين مثل ما أعطيت النعمان؟ قال: لا قال: هل تحب من الجميع أن يبروك بأحسن درجات البر؟ قال: نعم. قال: سو بينهم اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، سووا بين أولادكم في الهبة كما تحبون أن يسووا لكم في البر، رد - يا بشير - هذه العطية، وإلا فأشهد عليها غيري، فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد على جور، ولا أشهد إلا على حق، فرجع بشير إلى بيته، وأعلن إلى عمرة