ومن أدلى بأبوين يقدم على من يدلي بأب، فيقدم أخ لأبوين على أخ لأب ويقدم عم لأبوين على عم لأب. وكذا الباقي، ويقدم الأخ من الأب على ابن الأخ من الأبوين، ويقدم ابن أخ لأب على عم لأبوين، ويقدم عم لأب على ابن عم لأبوين. وكذا الباقي.
ولو خلف بنتًا، وأختًا لأبوين، وأخًا لأب، فمذهبنا ومذهب الجمهور أن للبنت النصف، والباقي للأخت، ولا شيء للأخ، وقال ابن عباس - رضي الله عنها - للبنت النصف، والباقي للأخ، دون الأخت. اهـ.
ولم يوافق ابن عباس على ذلك أحد، إلا أهل الظاهر.
وأما الإرث مع اختلاف الدين فيقول النووي: أجمع المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم، وأما المسلم فلا يرث الكافر أيضًا عند جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وذهبت طائفة إلى توريث المسلم من الكافر، وهو مذهب معاذ بن جبل، ومعاوية، وسعيد بن المسيب، ومسروق، وغيرهم، وروي أيضًا عن أبي الدرداء والشعبي والزهري والنخعي نحوه، على خلاف بينهم في ذلك، واحتجوا بحديث "الإسلام يعلو، ولا يعلى عليه". وبحديث "الإسلام يزيد ولا ينقص" أخرجه أبو داود وصححه الحاكم، وقالوا: نرث أهل الكتاب ولا يرثونا، كما نتزوج منهم، ولا يتزوجون منا وحجة الجمهور هذا الحديث الصحيح الصريح - روايتنا الأولى - ولا حجة في حديث "الإسلام يعلو، ولا يعلى عليه" ولا حديث "الإسلام يزيد ولا ينقص" لأن الحديث الثاني متعقب بالانقطاع، وقيل: باطل وأما الحديث الأول فلأن المراد به فضل الإسلام على غيره، ولم يتعرض أي من الحديثين للميراث، فلا يترك نص صحيح صريح بمثل هذا. ولعل هذه الطائفة لم يبلغها هذا الحديث.
ثم قال النووي: وأما المرتد فلا يرث المسلم بالإجماع، وأما المسلم فلا يرث المرتد عند الشافعي ومالك، بل يكون ما له فيئًا للمسلمين، وقال أبو حنيفة والكوفيون والأوزاعي وإسحاق، يرثه ورثته من المسلمين، وروي ذلك عن علي وابن مسعود وجماعة من السلف، لكن قال الثوري وأبو حنيفة: ما كسبه في ردته فهو للمسلمين، وقال الآخرون: الجميع لورثته من المسلمين.
وأما توريث الكفار بعضهم من بعض، كاليهودي من النصراني وعكسه، والمجوسي منهما، وهما منه، فقال به الشافعي وأبو حنيفة وآخرون، ومنعه مالك. قال الشافعي: لكن لا يرث حربي من ذمي، ولا ذمي من حربي، والله أعلم.
وأما الكلالة فقد تناولتها آية الشتاء، في أوائل سورة النساء، وآية الصيف في آخرها. فالآية الأولى آية المواريث {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا فريضة من الله إن الله كان عليمًا حكيمًا * ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم