للغرماء إذا وجدها بعينها. وأجاب الطحاوي - من الحنفية - على الحديث بأن المذكور فيه "من أدرك ماله بعينه" والمبيع ليس هو عين ماله، وإنما هو عين مال قد كان له، وإنما يكون عين ماله في المغصوب والعارية والوديعة وما أشبه ذلك، فذلك ماله بعينه، فهو أحق بعينه، إذا وجده عند رجل أفلس، وليس للغرماء فيه نصيب، لأنه باق على ملكه، لأن يد الغاصب عليه يد التعدي والظلم، بخلاف ما إذا باعه، وسلمه إلى المشتري، فإنه يخرج عن ملكه، وإن لم يقبض الثمن، وتبدل الصفة كتبدل الذات، فصار المبيع غير ماله، وقد كان ماله أو لا. [ومعنى هذا أن الحنفية يحملون الحديث - أي روايتنا العاشرة - على المقرض والمودع، دون البائع، وهذا مردود من وجوه. الأول: أنه لا خلاف أن صاحب الوديعة أحق بها، سواء وجدها عند مفلس أو غيره، لكن الحديث شرط الإفلاس، فتعين حمله على البائع. الثاني: أنه جعل لصاحب المتاع الرجوع، إذا وجده بعينه، والمودع أحق بعينه، سواء كان على صفته أو تغير عنها، فلا يجوز حمل الحديث على المودع. الثالث: أن الحديث الصحيح [روايتنا الحادية عشرة] تنص على البيع، وفيها "أنه لصاحبه الذي باعه".
وقال بعض الحنفية: إن الحديث مخالف للأصول الثابتة، فإن المبتاع قد ملك السلعة، وصارت في ضمانه، فلا يجوز أن ينقض عليه ملكه. ويرد عليهم بأن الحديث لا يترك بالقياس، على أن المالك قد ينقض عليه ملكه في مواضع كثيرة، يقول بها الحنفية، كالشفعة وتقديم الرهن على الغرماء، واختلاف المتبايعين وتعجيز المكاتب وغير ذلك، وحمل بعض الحنفية الحديث على البيع قبل القبض، وهذا الحمل تمجه وتستبعده بداهة ألفاظ الحديث، ففيه "ووجد الرجل سلعته عنده" والسلعة قبل القبض ليست عند المفلس، ولا يقال: وجدها صاحبها وهي عنده.
الصورة الرابعة: تفريج الكروب، وعنها تتحدث الرواية المتممة للعشرين.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم]-
1 - قد يستدل بالنهي عن أخذ مقابل الجائحة على عدم أخذ ما يعرف بالعوض عما يهلك، كأن يصيب بسيارته سيارة الغير فيتلفها، أو يستعير إناء فينكسر عنده، لكن الحديث لا دلالة فيه على ذلك، فما في الحديث لا دخل للإنسان في الجائحة، أما الصور الأخرى فللإنسان دخل في الإتلاف بوجه من الوجوه، ومن أتلف شيئًا فعليه إصلاحه أو مثيله أو قيمته، وقد أخذ صلى الله عليه وسلم قصعة عائشة السليمة حين كسرت عائشة قصعة إحدى أمهات المؤمنين، وقال: قصعة بقصعة. نعم إن تنازل صاحب المتاع المتلف عن العوض أو بعضه كان من قبيل الإحسان، وإن أخذ الكل فهو حق.
2 - ومن الرواية السادسة التعاون على البر والتقوى.
3 - ومواساة المحتاج ومن عليه دين.
4 - والحث على الصدقة عليه.
5 - وأن المعسر لا تحل مطالبته، ولا ملازمته، ولا سجنه، وبه قال الشافعي ومالك وجمهورهم، وحكي