(ز) وأما أنه مخالف لعمل أهل مكة، فلا يعرف عن أحد منهم القول بخلافه، فقد سبق عن عطاء وطاووس وغيرهما من أهل مكة.
(ح) وأما أنه خبر واحد، فلا يعمل به، فقد رد بأنه مشهور، فيعمل به.
(ط) وأما أنه مخالف للقياس الجلي، فقد رد بأن القياس مع النص فاسد الاعتبار.
(ي) وأما أنه جاء بألفاظ مختلفة فهو مضطرب لا يحتج به، فقد تعقب بأن الجمع بين ما اختلف من ألفاظه ممكن بغير تكلف ولا تعسف، فلا يضره الاختلاف، وشرط المضطرب أن يتعذر الجمع بين مختلف ألفاظه، وليس هذا الحديث من ذلك.
3 - ، 4 - وأما قولهم: التفرق بالأبدان محمول على الاستحباب، أو محمول على الاحتياط فهو على خلاف الظاهر، ولا ضرورة إليه.
5 - وأما قولهم: المراد التفرق بالكلام، كما في عقد النكاح والإجارة والعتق، فقد تعقب بأنه قياس مع ظهور الفارق، لأن البيع ينقل فيه ملك رقبة المبيع ومنفعته، بخلاف ما ذكر.
6 - وأما أن المراد بالمتبايعين المتساومان فهو مجاز لا يلجأ إليه إلا عند تعذر الحقيقة، فالأصل الحمل على الحقيقة حتى يقوم الدليل على خلافه.
وأخيرًا قال الحافظ ابن حجر: قال ابن عبد البر: قد أكثر المالكية والحنفية من الاحتجاج لرد هذا الحديث بما يطول ذكره، وأكثره لا يحصل منه شيء. واللَّه أعلم.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم]-
1 - من قوله في الرواية الأولى "إلا بيع الخيار" وقوله في الرواية الثالثة "أو يكون بيعهما عن خيار" أخذت مشروعية خيار الشرط.
2 - وأخذ من عدم تحديد مدته في الحديث أنه لا يتقيد بأيام، بل يفوض الأمر فيه إلى الحاجة، لتفاوت السلع في ذلك، وذهب الشافعية والحنفية إلى أن أمده ثلاثة أيام، واحتج لهم بما رواه البيهقي عن ابن عمر مرفوعًا "الخيار ثلاثة أيام".
وأنكر مالك التوقيت في خيار الشرط، وتحديد غايته بثلاثة أيام. قال: نعم هي في الغالب يمكن الاختيار فيها، لكن لكل شيء أمد بحسبه، يتخير فيه، فللدابة مثلاً وللثوب يوم أو يومان، وللجاريه جمعة، وللدار شهر.
وقال الأوزاعي: يمتد الخيار شهرًا وأكثر، بحسب الحاجة إليه.
وقال الثوري: يختص الخيار بالمشتري، ويمتد له إلى عشرة أيام وأكثر.
3 - من قوله في الرواية الثانية "أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع" قال النووي: فإن خير أحدهما الآخر، فسكت لم ينقطع خيار الساكت، وفي انقطاع خيار القائل وجهان لأصحابنا، أصحهما الانقطاع، لظاهر الحديث.