مما لا ينتقل. أما ما ينتقل من مكان إلى مكان كالطعام والسيارة والماشية والثياب والآلات والأثاث فقبضه نقله من مكان يخص البائع إلى مكان لا اختصاص للبائع به، وهذا القبض الذي دعا إليه الشارع يرفع كثيرًا من الخلافات والمنازعات، فلو هلكت السلعة بعد قبضها فهي في ذمة المشتري وضمانه ومسئوليته، أما لو هلكت بعد البيع وقبل القبض وقد بيعت ثانيًا كان ذلك مثارًا للمنازعات وتداخل المسئوليات.
وإذا كان الحديث قد أكد على النهي عن بيع الطعام قبل قبضه فغير الطعام له حكم الطعام، وما ذكر الطعام إلا لأنه غالب ما كان يباع ويشترى في ذلك الزمان.
ومن الاحتياطات التي أمر بها الشارع قبض المكيل كيلاً، والموزون وزنًا، والمعدود عدًا، والمقادير قياسًا، فإنه لا يجوز بيع صنف ربوي بجنسه إلا أن يكون كل منهما معلوم المقدار، وأن تتحقق المساواة بين المتماثلين، فكومة التمر لا يجوز بيعها بما هو معلوم الوزن أو الكيل من التمر، وكذلك المعلوم وزنًا أو كيلاً، لا يجوز بيعه بكومة منه، لأن في ذلك جهالة وغرر ينهى الإسلام عنه حفاظًا على حقوق كل من المتبايعين. واللَّه أعلم.
-[المباحث العربية]-
(من ابتاع طعامًا) أي من اشترى طعامًا، والمراد من الطعام المأكول والمشروب والمتفكه به، أي ما من شأنه ذلك وإن لم يطعم، وما يؤول إلى ذلك. وفي الرواية السادسة والحادية عشرة "من اشترى طعامًا".
(فلا يبعه حتى يستوفيه) قيل: معناه حتى يستوفي كيله ووزنه ومقداره، وقيل: حتى يقبضه المشتري، ويدخل في حوزته، وإن كان في مكانه، وقيل: حتى ينقله من مكانه، وفي ذلك خلاف يأتي في فقه الحديث.
وفي الرواية الثانية والثامنة "حتى يقبضه" وفي الرواية السابعة جمع بين اللفظين "حتى يستوفيه ويقبضه" وفي الرواية الثالثة والحادية عشرة "حتى يكتاله" وفي الرواية الخامسة "يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه" وفي الرواية السادسة "حتى ننقله من مكانه" وفي الرواية التاسعة "حتى يحولوه" وفي الرواية العاشرة "حتى يؤووه إلى رحالهم".
(وأحسب كل شيء مثله) من كلام ابن عباس، أي وأظن اجتهادًا أن كل مبيع مثل الطعام في ذلك الحكم. وفي الرواية الثانية "وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام" وفي رواية للبخاري "ولا أحسب كل شيء إلا مثله".
(قال: فقلت لابن عباس: لم)؟ وعند البخاري: قال طاووس لابن عباس: كيف ذاك؟
(ألا تراهم يتبايعون بالذهب، والطعام مرجأ) أي مؤخر، و"مرجأ" بالهمز،