فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف" وتقول عنه الرواية الثامنة عشرة "ومن ادعي إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلاً".
وأما الأمر الثاني فتقول عنه الرواية الخامسة عشرة "لا يحل لمسلم أن يتوالى مولى رجل مسلم بغير إذنه" يقول الراوي: ثم أخبرت "أنه لعن في صحيفته من فعل ذلك".
وقد روى أحمد والطبراني عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن لله عبادًا لا يكلمهم الله تعال ... " الحديث وفيه "ورجل أنعم عليه قوم، فكفر نعمتهم، وتبرأ منهم".
والحكمة في تحريم ذلك ما فيه من كفر النعمة، وتضييع حق الإرث بالولاء، والعقل، وغير ذلك.
أما قيد "بغير إذن مواليه" الوارد في بعض الروايات فقد شذ عطاء بن أبي رباح بالأخذ بمفهوم هذا القيد، وقال: إن أذن الرجل لمولاه أن يوالي من شاء جاز، واستدل بهذا الحديث قال ابن بطال: وجماعة الفقهاء على خلاف ما قال عطاء. قال الحافظ ابن حجر: وانعقد الإجماع على خلاف هذا القول.
قال ابن بطال: وفي الحديث أنه لا يجوز للعتيق أن يكتب: فلان ابن فلان، ويسمي نفسه ومولاه الذي أعتقه، بل يقول: فلان مولى فلان، ولكن يجوز أن ينتسب إلى نسب الذي أعتقه، كالقرشي وغيره، والأولى أن يفصح بذلك أيضًا، كأن يقول: القرشي بالولاء، أو مولاهم.
-[ويؤخذ من مجموعة هذه الأحاديث]-
1 - من قوله "إنما الولاء لمن أعتق" من منطوقه إثبات الولاء لمن أعتق سائبة - أي العبد يقول له سيده: لا ولاء لأحد عليك، أو أنت سائبة، أو أعتقتك سائبة، أو أنت حر سائبة.
وقد اختلف في هذا الشرط، والجمهور على كراهته، وشذ من قال بإباحته، واختلف في ولائه، والجمهور على أن ولاءه لمن أعتق، ففي البخاري عن هزيل قال: "جاء رجل إلى عبد الله بن عمر، فقال: إني أعتقت عبدًا لي سائبة، فمات، فترك مالاً، ولم يدع وارثًا؟ فقال عبد الله: أنت ولي نعمته، فلك ميراثه، فإن تأثمت - أي خشيت أن تقع في الإثم - أو تحرجت في شيء فنحن نقبله، ونجعله في بيت المال".
وبهذا الحكم في السائبة قال الحسن البصري وابن سيرين والشافعي.
وقال عطاء: إذا لم يخلف السائبة وارثًا دعي الذي أعتقه، فإن قبل ماله، وإلا ابتيعت به رقاب فأعتقت.
وفيه مذهب آخر أن ولاءه للمسلمين، يرثونه ويعقلون عنه. قال عمر بن عبد العزيز والزهري، وهو قول مالك.
قال ابن المنذر: واتباع ظاهر قوله "الولاء لمن أعتق" أولى. اهـ.