للمجهول، أي طلب من العبد السعي لسداد قيمة ما بقي، أي يكلف الاكتساب والطلب حتى يحصل قيمة نصيب الشريك الآخر، فإذا دفعها إليه عتق، وقيل: المراد بالاستسعاء هو أن يخدم سيده الذي لم يعتق بقدر ما له فيه من الرق. ومعنى "غير مشقوق عليه" أي لا يكلف ما يشق عليه.
وفي ملحق الرواية الثالثة "إن لم يكن له مال قوم عليه العبد قيمة العدل، ثم يستسعى" هكذا هو في الرواية وظاهرها أن التقويم يشرع في حق من لم يكن له مال، وليس كذلك، اللهم إلا أن يقال: إن التقويم عليه حينئذ ليعرف الباقي الذي يستسعى العبد لأجله.
(أنها أرادت أن تشتري جارية تعتقها) بضم تاء "تعتقها" وظاهرها أن هذه الإرادة سابقة على عرض بريرة على عائشة أن تساعدها، ويمكن أن تكون مرتبة على طلب بريرة المساعدة، وهو الذي ينسجم مع بقية الروايات، فالمراد من الجارية بريرة.
وفي الرواية الخامسة "أن بريرة جاءت عائشة، تستعينها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا، فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك، فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك، ويكون ولاؤك لي فعلت" وفي الرواية السادسة "عن عائشة: جاءت بريرة إلي، فقالت: يا عائشة، إني كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية" وفي الرواية السابعة عن عائشة قالت: "دخلت علي بريرة فقالت: إن أهلي كاتبوني على تسع أواق، في تسع سنين، في كل سنة أوقية، فأعينيني، فقلت لها: إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة، وأعتقك، ويكون الولاء لي فعلت" أي أدفعها لهم دفعة واحدة، لا على أقساط.
وهدف عائشة من شراء جارية وعتقها قد يكون كفارة عن يمين، أو وفاء بنذر، أو تقربًا إلى الله تعالى لاقتحام العقبة.
(فقال أهلها) أي مالكوها، وفي الكلام طي، والتقدير: أرادت أن تشتري بريرة، فقالت لها: ارجعي إلى أهلك، فقولي لهم كذا وكذا، فرجعت إلى أهلها، فذكرت ذلك لهم، فقالوا
(نبيعكها على أن ولاءها لنا) الولاء بفتح الواو، والمراد منه هنا استحقاق السيد المعتق الميراث ممن كان عبده وأعتق، وسبب هذا الاستحقاق شبهه بالنسب، فمن أعتق كمن ولد، وكما ينسب الولد إلى من ولد، ينسب العتق لمن أعتق. وهذا معنى "الولاء لمن أعتق" وفي الرواية الخامسة "فأبوا" أي أبى أهلها أن يبيعوها لعائشة على أن يكون الولاء لعائشة، "وقالوا: إن شاءت" عائشة "أن تحتسب عليك" بالشراء والعتق وقد تحتسب ثوابها عند الله "فلتفعل، ويكون لنا ولاؤك" وفي الرواية السابعة "فأبوا" بيعها لعائشة "إلا أن يكون الولاء لهم" وفي الرواية الثامنة "أراد أهلها أن يبيعوها ويشترطوا ولاءها" وفي الرواية العاشرة "فاشترطوا ولاءها" وفي الرواية السابعة "فأتتني، فذكرت ذلك". قالت "عائشة: فانتهرتها" أي بالغت في زجرها وإضرابها، لما سمعت من قولهم، فتنصلت بريرة من مسئولية هذا القول، "فقالت: لا" أي لا تزجروني، فلا شأن لي بهذا القول، ولا ذنب لي فيه "هاالله إذا" أي هذا - والله - الذي حصل منهم. قال النووي عن هذا التركيب: فقالت: لا.