فاطمة بنت قيس في كونه يخرج المطلقة من بيتها. وحاصل القصة، وسيأتي بعضها في الرواية السابعة وأخرجها النسائي عن الزهري أن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان طلق امرأته، بنت سعيد بن زيد، البتة، وأمها حزمة بنت قيس، فأمرتها خالتها فاطمة بنت قيس بالانتقال، فسمع ذلك مروان - وهو أمير المدينة - فأنكر، فذكرت أن خالتها أخبرتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفتاها بذلك، فأرسل مروان قبيصة بن ذؤيب إلى فاطمة، يسألها عن ذلك، فذكرت الحديث، ورجع به ابن ذؤيب إلى مروان، فأبى مروان أن يصدقه، وقال - كما في الرواية السابعة - لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة، لن نأخذ به، سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها [قال النووي: هكذا هو في معظم النسخ "بالعصمة" بكسر العين، وفي بعضها "بالقضية" بالقاف والضاد، وهذا واضح، ومعنى الأول: بالثقة والأمر القوي الصحيح] فقالت فاطمة بنت قيس حين بلغها قول مروان - تدافع عن حديثها وفهمها، قالت: فبيني وبينكم القرآن. قال الله عز وجل {لا تخرجوهن من بيوتهن} الآية. قالت: هذا لمن كانت له مراجعة - أي في المطلقة رجعيًا، لأنها محبوسة على زوجها، تحل له في أي وقت يشاء، فتبقى في بيته، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، فيكون قربها منه ووجودها في بيته وفي جواره مساعدًا لرجعتها، أما المطلقة ثلاثًا لا يحدث بينها وبين زوجها أمر، فلم تحبس في بيت من طلقها؟ أليس هذا يؤيد حديثي وأن المطلقة ثلاثًا تعتد وتخرج خارج بيت مطلقها؟

والآية التي تفسرها فاطمة في أول سورة الطلاق، قوله تعالى {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا}

والظاهر أن مروان ظل منكرًا حديث فاطمة بعد مناقشتها، يميل إلى عدم العمل به ويرده، حتى جاءته قضية أخرى، هي التي تحدثت عنها الروايات السابعة عشرة والتاسعة عشرة والمتممة للعشرين، وحاصلها: أن يحيى بن سعيد بن العاص - وكان أبوه أمير المدينة لمعاوية قبل مروان - طلق امرأته بنت عبد الرحمن بن الحكم، قيل: اسمها عمرة. وهي بنت أخي مروان، الذي كان أمير المدينة آنذاك - طلقها ثلاثًا، وأخرجها من بيته، فعاب عروة بن الزبير على يحيى وأهله إخراجها من بيتها. فاستدلوا على إخراجها بحديث فاطمة بنت قيس، وخروجها - ويبدو أن اعتراض عروة كان أمام مروان، فذهب عروة إلى خالته عائشة يستعيد منها الفتوى التي سمعها من قبل، قال لها: ألم تعلمي أن عمرة بنت عبد الرحمن بن الحكم طلقها زوجها يحيى ألبتة؟ فخرجت، أو أخرجت؟ قالت: بئسما صنعت، وبئسما صنعوا بها. لم تكن لتخرج من بيتها. قال: قد اعتمدوا على حديث فاطمة بنت قيس؟ قالت: لا خير لفاطمة بنت قيس في ذكرها لهذا الحديث وتمسكها به، وحقها أن لا تذكره، فقد كانت لها حالة خاصة، من الإساءة إليها أن تنشر، ورجع عروة يقول لمروان: إن عائشة أنكرت ذلك على فاطمة. وأرسلت عائشة إلى مروان تقول له: اتق الله وارددها إلى بيتها، قال لها: لقد حاولت، لكن أباها أخي عبد الرحمن بن الحكم لم يطعني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015