ففي هذه الروايات أنها ذهبت بنفسها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن في الرواية الرابعة "فانطلق خالد بن الوليد - وهو ابن عم زوجها - في نفر، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة - خالة خالد - فقالوا: إن أبا حفص طلق امرأته ثلاثًا، فهل لها نفقة"؟ ولا تعارض، فقد تكون ذهبت بنفسها ترفع شكواها وأجيبت، وذهب أهله بعدها يسألون، وأجيبوا.
(فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ليس لك عليه نفقة) "وأمرها أن تعتد" خارج بيت الزوجية، أي أن تخرج، وفي الرواية الثانية "فقال: لا نفقة لك ولا سكنى" وفي الرواية الثالثة "لا نفقة لك، فانتقلي" وفي الرواية السابعة "فقال: لا نفقة لك، فاستأذنته في الانتقال - أي من بيت زوجها - فأذن لها" وفي الرواية الثامنة "فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة" وفي الرواية الثالثة عشرة "فلم يجعل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة" وفي الرواية الرابعة عشرة "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم طلقك؟ قلت: ثلاثًا. قال: ليس لك نفقة. اعتدي في بيت ابن عمك".
(فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك) بفتح الشين وكسر الراء، وفي الرواية الرابعة "وأمرها أن تنتقل إلى أم شريك، ثم أرسل إليها أن أم شريك يأتيها المهاجرون الأولون" وهي قرشية عامرية، قيل: اسمها غزية بالياء والتصغير، وقيل: غزيلة بنت دودان بن عوف بن عمرو. أسلمت قديمًا بمكة، ثم جعلت تدخل على نساء قريش سرًا، فتدعوهن وترغبهن في الإسلام، حتى ظهر لأهل مكة، فأخذوها، وقالوا لها: لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا. وحبسوها ثلاثًا لا يطعمونها ولا يسقونها، فأطعمها الله وسقاها، وهاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ووهبت نفسها إليه بدون مهر. قيل: فلم يقبلها فعاشت وحدها بالمدينة، وكانت كبيرة السن صالحة رضي الله عنها.
(اعتدي عند ابن أم مكتوم) في الرواية الثالثة "فاذهبي إلى ابن أم مكتوم، فكوني عنده".
(فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك) أي فلا يراك، وفي الرواية الثالثة "فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابك عنده" أي فلا يراك، وفي الرواية الرابعة "فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك" وفي الرواية الحادية عشرة "انتقلي إلى بيت ابن عمك، عمرو بن أم مكتوم" قال النووي: هكذا وقع هنا، وكذا جاء في صحيح مسلم في آخر الكتاب، وزاد، فقال: هو رجل من بني فهر من البطن الذي هي منه، وقال القاضي: المشهور خلاف هذا، وليس هما من بطن واحد، هي من محارب ابن فهر، وهو من بني عامر بن لؤي. قال النووي: هو ابن عمها مجازًا، يجتمعان في فهر. واختلف في اسم ابن أم مكتوم، فقيل: عمرو، وقيل: عبد الله، وقيل غير ذلك.
وفي الرواية التاسعة "فأذن لي أن أعتد في أهلي" يحتمل أن هذا حين استأذنته في الانتقال، ثم أمرها بالانتقال إلى أم شريك، ثم أمرها أخيرًا بالانتقال إلى ابن أم مكتوم.
(فإذا حللت فآذنيني) أي فإذا انقضت عدتك، وحللت للزواج فأعلميني، أي قبل أن تتفقي مع أحد، وفي الرواية الرابعة "لا تسبقيني بنفسك" أي لا تسبقيني بعد العدة باتخاذ قرار في نفسك بالزواج. وفي ملحق الرواية الخامسة "لا تفوتينا بنفسك" أي لا تتزوجي بدون علمنا.