(فقالت: ما لي ولك؟ ) أي لا شأن لي عندك، فلا أجيبك، ولا شأن لك عندي فلا تسألني. فـ"ما" نافية، والجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف.

(عليك بعيبتك) بفتح العين وسكون الياء وفتح الباء، والعيبة في كلام العرب وعاء يجعل الإنسان فيه أفضل ثيابه ونفيس متاعه، كأنها تقول: عليك بخزانتك، كناية عن ابنته حفصة، أي عليك بوعظ ابنتك ودعني.

(هو في خزانته في المشربة) الخزانة المكان الذي يخزن فيه، والمشربة بفتح الميم وسكون الشين، وفتح الراء وضمها الغرفة العالية، وكان للنبي صلى الله عليه وسلم غرفة عالية في المسجد، من جذوع النخل وجريده، يصعد إليها على جذع نخل مائل كالدرج، ويستعرض أمام بابها جذع آخر، يقف عليه الداخل قبل أن يدخل، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعملها كمخزن، تضع فيها بعض زوجاته بعض الأمتعة. فكان فيها حين دخلها عمر: حصير ووسادة، وقبضة من شعير، وقبضة من قرظ يدبغ به الجلود، وعدد من جلود الغنم حديثة الدبغ.

(فدخلت) أي خرجت من بيت حفصة فدخلت المسجد، متجهًا نحو المشربة، وفي الرواية العاشرة "ثم آخذ ثوبي، فأخرج" والتعبير بالمضارع لاستحضار الصورة، والأصل ثم أخذت ثوبي، فخرجت" حتى جئت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشربة" وفي الرواية الثانية عشرة" حتى إذا صليت الصبح شددت علي ثيابي، ثم نزلت، فدخلت على حفصة، وهي تبكي، فقلت: أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: لا أدري. ها هو ذا معتزل في هذه المشربة، فأتيت غلامًا ... " إلخ ففي بعض الروايات طي تبرزه الروايات الأخرى، وأما رواية البخاري. ولفظها" فجمعت علي ثيابي فصليت الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم مشربة له، فاعتزل فيها، ودخلت على حفصة ...... فقالت: لا أدري. ها هو ذا معتزل في المشربة، فخرجت فجئت إلى المنبر، فإذا حوله رهط يبكي بعضهم، فجلست معهم قليلاً، ثم غلبني ما أجد، فجئت المشربة ... " فظاهر هذه الرواية يعارض روايتنا في صلاة عمر الصبح، هل كان في العوالي؟ أو كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ويمكن الجمع بأن معنى روايتنا فنزلت من العوالي، فصليت الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قام لا يكلم أحدًا، فدخل المشربة، ورأيت الناس يضربون بالحصى، فشددت علي ثيابي ثم نزلت إلى الحجرات، فدخلت على حفصة ... إلخ.

الإشكال الثاني أن رواية البخاري تفيد أن عمر علم مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل على حفصة، وروايتنا التاسعة يسأل فيها حفصة "أين رسول الله صلى الله عليه وسلم"؟ ويمكن أن يجاب عن هذا الإشكال بأن سؤاله لم يكن لمعرفة أين هو؟ وإنما ليتبين. هل تعلم هي مكانه أو لا؟ أو الاستفهام للتبكيت، أن كانت هي سبب وجوده في هذا المكان.

(فإذا أنا برباح) بفتح الراء وتخفيف الباء، وفي الرواية العاشرة "وغلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسود على رأس الدرجة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015