-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم: ]-
1 - من قوله في الرواية الأولى "فصلينا عندها صلاة الغداة" أنه لا كراهة في تسميتها الغداة، قال النووي وقال بعض أصحابنا: يكره، والصواب الأول.
2 - ومن قوله "وأنا رديف أبي طلحة" جواز الإرداف، إذا كانت الدابة مطيقة.
3 - ومن قوله "فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر" جواز ذلك، وأنه لا يسقط المروءة، ولا يخل بمراتب أهل الفضل، لا سيما عند الحاجة للقتال، أو رياضة النفس أو الدابة، أو معاناة أسباب الشجاعة.
4 - واستدل مالك بقوله "وانحسر الإزار عن فخذ نبي الله" صلى الله عليه وسلم على أن الفخذ ليس بعورة، قال النووي: ومذهبنا أنه عورة، ويحمل أصحابنا هذا الحديث على أن انحسار الإزار وغيره كان بغير اختياره صلى الله عليه وسلم، فانحسر للزحمة، ووقع نظر أنس إليه فجأة، لا تعمداً، وكذلك مست ركبته الفخذ من غير اختيارهما، بل للزحمة، ولم يقل: إنه تعمد ذلك، ولا أنه حسر الإزار، بل انحسر بنفسه.
5 - ومن قوله: "فلما دخل القرية قال: الله أكبر" استحباب الذكر والتكبير عند الحرب، وهو موافق لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً} [الأنفال: 45]. ولهذا قالها ثلاث مرات.
6 - ويؤخذ منه أن الثلاث كثير.
7 - ومن إرجاع هدية دحية قال المازري وغيره: يحتمل ما جرى مع دحية وجهين: أحدهما أن يكون رد الجارية برضاه، وأذن له في غيرها، والثاني أنه إنما أذن في جارية له من حشو السبي، لا أفضلهن، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخذ أنفسهن وأجودهن نسباً وشرفاً في قومها وجمالاً استرجعها، لأنه لم يأذن له فيها، ورأى في إبقائها لدحية مفسدة، لتميزه بمثلها على باقي الجيش، ولما فيه من انتهاكها مع مرتبتها، وكونها بنت سيدهم، ولما يخاف من استعلائها على دحية بسبب مرتبتها، وربما ترتب على ذلك شقاق أو غيره، فكان أخذه صلى الله عليه وسلم إياها لنفسه قاطعاً لكل هذه المفاسد المتخوفة، ومع هذا فقد عوض دحية عنها.
8 - ومن قوله: "أعطاه بدلها سبعة أنفس" أخذ أن ذلك كان تطييباً لخاطره، لا أنه جرى عقد بيع، وعلى هذا تتفق الروايات، وهذا الإعطاء لدحية محمول على التنفيل، فعلى قول من يقول: التنفيل يكون من أصل الغنيمة لا إشكال فيه، وعلى قول من يقول: إن التنفيل من خمس الخمس يكون هذا التنفيل من خمس الخمس بعد أن ميز، أو قبله ويحسب منه، قال النووي: فهذا الذي ذكرناه هو الصحيح المختار. قال القاضي: والأولى عندي أن تكون صفية فيئاً، لأنها كانت زوجة كنانة بن الربيع، وهو وأهله من بني أبي الحقيق كانوا صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشرط عليهم أن لا يكتموه كنزاً، فإن كتموه فلا ذمة لهم، وسألهم عن كنز حيي بن أخطب، فكتموه، وقالوا: أذهبته النفقات، ثم عثر عليه عندهم، فانتقض عهدهم، فسباهم، فصفية من سبيهم، فهي فيء لا يخمس،