هذا هو رسول الحرية صلى الله عليه وسلم يقول: "الذي يعتق جاريته ويتزوجها له أجران" نعم له أجران.

أجر العتق للمملوكة، وأجر إشراكها له في معيشته وحياته، أي تكريم للمملوك فوق أن يكون شريك سيده في حياته، يحمل اسمه، ويحمل شرف أم أولاده؟ .

إن الإنسان حين يرغب في الزواج يبحث عن نسب مشرف، وعن أسرة عريقة يفخر بمصاهرتها، - رغبة في المباهاة بالأحساب والأنساب- فبأي ثمن؟ ولأي هدف يتنازل عن هذه النعرة البشرية، ليتزوج اليوم من كانت ملكه وخادمته بالأمس؟ إنه الأجر الأخروي، وإنه الدعوة إلى الحرية الإنسانية، والإسهام في تحرير البشرية.

وقد يسهل على الفرد العادي أن يقوم بمثل ذلك، أما ذوو الشرف والسيادة والقيادة فإنه من الصعب عليهم أن يلغوا فوارق الطبقية بجرة قلم أو بكلمة.

لكن محمداً صلى الله عليه وسلم في سبيل دعوته إلى الحرية ألغى هذه الفوارق بكلمة وبجرة قلم.

بعد غزوة بني المصطلق جاءته أسيرة من أسراها كاتبها مالكها، فجاءت إليه صلى الله عليه وسلم تطلب مساعدته المالية لتفك رقبتها، ولتحصل على حريتها، وقالت له: أنا جويرية بنت الحارث وقعت في سهم فلان فكاتبني على كذا، وأرجو مساعدتي، ورأى صلى الله عليه وسلم وهو الذي يعز عليه العنت والمشقة، ويرحم عزيز قوم ذل، وهذه بنت سيد من سادات قريظة رأى أن يرحمها ويكرمها فقال لها: هل لك إلى أن أؤدي عنك كتابتك وأعتقك وأتزوجك؟ وعلى الفور رحبت، وعلى الفور أعتقها وتزوجها، وهذه الأخرى صاحبة قصتنا. صفية بنت حيي، بنت سيد قومها، وزوجة ابن سيد قومها، وقعت في الأسر، وقعت في سهم دحية الكلبي مملوكة، يفتديها صلى الله عليه وسلم بسبع من الإماء يدفعها لدحية، ويعتقها ويتزوجها.

وصدق الله العظيم إذ يقول فيه {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} [التوبة: 128].

-[المباحث العربية]-

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر) "خيبر" على وزن جعفر، مدينة كبيرة، ذات حصون ومزارع على بعد نحو خمسين ميلاً من المدينة إلى جهة الشام، خرج النبي صلى الله عليه وسلم لغزوها في آخر المحرم سنة سبع من الهجرة، فأقام يحاصرها بضع عشرة ليلة، إلى أن فتحها في صفر، وكان يسكنها اليهود.

(فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس) في رواية للبخاري "أن النبي صلى الله عليه وسلم: أتى خيبر ليلاً" أي قرب منها، فنزل بواد يقال له: الرجيع، بين خيبر وبين غطفان، لئلا يمد غطفان خيبر، إذ كانوا حلفاءهم "وكان إذا أتى قوماً بليل لم يقربهم حتى يصبح" أي حتى يجيء الفجر، وينظر هل يسمع منهم أذاناً؟ أو لا؟ فإن سمع أذاناً كف عنهم، وإلا أغار عليهم. وكان أهل خيبر قد سمعوا بقصد محمد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015