وفي الرواية الخامسة "أن عمر أراد أن ينكح ابنه طلحة -أي يزوجه ويعقد له على- بنت شيبة".
(لا ينكح المحرم ولا ينكح) بكسر الكاف فيهما، الأول بفتح الياء من الثلاثي، أي لا يتزوج المحرم، والثاني بضم الياء من الرباعي، أي لا ينكح غيره، ولا يزوج غيره امرأة بولاية ولا وكالة، قال النووي: سببه أنه لما منع من العقد لنفسه في مدة الإحرام صار كالمرأة، فلا يعقد لنفسه ولا لغيره، وظاهر هذا العموم أنه لا فرق بين أن يزوج بولاية خاصة كالأب والأخ والعم ونحوهم، أو بولاية عامة، وهو السلطان والقاضي ونائبه.
(بنت شيبة بن عثمان) هكذا هو في الرواية الثانية من طريق يحيى عن مالك، وفي الرواية الأولى والخامسة "بنت شيبة بن جبير" من طريق حماد عن أيوب، قال النووي: وزعم أبو داود أن رواية حماد هي الصواب، وأن مالكاً وهم فيه، وقال الجمهور: بل قول مالك هو الصواب، فإنها بنت شيبة بن جبير بن عثمان الحجبي، قال القاضي: ولعل من قال: شيبة بن عثمان نسبه إلى جده، فلا يكون خطأ، بل الروايتان صحيحتان.
(ألا أراك عراقياً جافياً) قال النووي: هكذا هو في جميع نسخ بلادنا "عراقياً" وذكر القاضي أنه وقع في بعض الروايات "عراقياً" وفي بعضها "أعرابياً" قال: وهو الصواب، أي جاهلاً بالسنة، والأعرابي هو ساكن البادية. قال: و"عراقياً" هنا خطأ، إلا يكون قد عرف من مذهب أهل الكوفة حينئذ جواز نكاح المحرم، فيصح "عراقياً" أي آخذاً بمذهبهم في هذا، جاهلاً بالسنة.
(وكانت خالتي وخالة ابن عباس) ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم أبا رافع يخطبها -كان ذلك في عمرة القضاء - فجعلت أمرها إلى العباس، عمه صلى الله عليه وسلم وزوج أختها لبابة الكبرى، فزوجها النبي صلى الله عليه وسلم فهي خالة ابن عباس، ولها أخت ثالثة اسمها أم برزة بنت الحارث الهلالية وهي أم الراوي فهو يروي عن خالته ميمونة في الرواية الثامنة ولها أخت رابعة واسمها لبابة الصغرى، وهي أم خالد بن الوليد.
ولعل في قول يزيد بن الأصم "وكانت خالتي وخالة ابن عباس" إشارة إلى خطأ ابن عباس في الروايتين السادسة والسابعة، حيث إن مصدر الصواب قريب منه.
-[فقه الحديث]-
اختلف العلماء في نكاح المحرم لاختلاف الأحاديث الصحيحة في ذلك، فالرواية عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم، وبقية أحاديث الباب تحرم نكاح المحرم.
فقال مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم: لا يصح نكاح المحرم، واعتمدوا أحاديث الباب -عدا روايتي ابن عباس- وقال أبو حنيفة والكوفيون: يصح نكاحه، لحديث قصة ميمونة [في روايتي ابن عباس السادسة والسابعة].