(مهلاً) أي تمهل يا ابن عباس في هذه الفتوى، وادرسها فليس أمرها كما ذكرت.
(قال: ما هي) أي ما هي المشكلة في فتواي؟ .
(إنها كانت رخصة ... إلخ) حاصل كلام ابن أبي عمرة التسليم بأنها فعلت في عهد إمام المتقين صلى الله عليه وسلم، لكنها كانت رخصة، ثم نهى عنها، ورفعت الرخصة، وأحكم الله دينه.
(نهى عن متعة النساء، يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الأهلية) وفي الرواية التاسعة عشرة والمتممة للعشرين "الحمر الإنسية " قال النووي: ضبطوه بوجهين. أحدهما كسر الهمزة وإسكان النون، والثاني فتحهما جميعاً، صرح القاضي عياض بترجيح الفتح، وأنه رواية الأكثرين. وظاهر من العبارة أن "يوم خيبر" ظرف للنهي عن المتعة وعن أكل لحوم الحمر الأهلية، وليس في هذا أنه كان مرخصاً بالمتعة، فكل ما يفيده، وقوع النهي عنها زمن خيبر. لكن قال السهيلي: يتصل بهذا الحديث تنبيه على إشكال، لأن فيه النهي عن نكاح المتعة يوم خيبر، وهذا شيء لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر. قال: فالذي يظهر أنه وقع تقديم وتأخير في لفظ الزهري -راوي الحديث- فالنهي زمن خيبر عن أكل لحوم الحمر الأهلية، وأما المتعة فكان في غير يوم خيبر. قال ابن عبد البر: وعلى هذا أكثر الناس، وقال أبو عوانة في صحيحه: سمعت أهل العلم يقولون: معنى حديث علي أنه نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر، وأما المتعة فسكت عنها، وإنما نهى عنها يوم الفتح. اهـ قال الحافظ: والحامل لهؤلاء على هذا ما ثبت من الرخصة فيها بعد زمن خيبر، لكن يمكن الانفصال عن ذلك بأن علياً لم تبلغه الرخصة فيها يوم الفتح، لوقوع النهي عنها عن قرب.
(قال لفلان: إنك رجل تائه) "فلان" كناية عن ابن عباس، ففي الرواية التاسعة عشرة تصريح باسمه، وفي البخاري أن علياً قيل له: إن ابن عباس لا يرى بمتعة النساء بأساً" وعند الدارقطني "أن علياً سمع ابن عباس وهو يفتي في متعة النساء. فقال .... " وعند سعيد بن منصور "أن علياً مر بابن عباس وهو يفتي في متعة النساء أنه لا بأس بها ... " "والتائه" الحائر، الذاهب عن الطريق المستقيم.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: اعلم أن القاضي عياضاً بسط شرح هذا الباب بسطاً بليغاً، وأتى فيه بأشياء نفيسة، وأشياء يخالف فيها، فالوجه أن ننقل ما ذكره مختصراً، ثم نذكر ما ينكر عليه، ويخالف فيه، وننبه على المختار.
قال المازري: ثبت أن نكاح المتعة كان جائزاً في أول الإسلام، ثم ثبت بالأحاديث الصحيحة المذكورة هنا أنه نسخ، وانعقد الإجماع على تحريمه، ولم يخالف فيه إلا طائفة من المبتدعة، وتعلقوا بالأحاديث الواردة في ذلك، وقد ذكرنا أنها منسوخة، فلا دلالة لهم فيها، وتعلقوا بقوله تعالى {فما