معين يعم، فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعوناً. وقد نقل النووي في الأذكار أن الطاعون لم يدخل المدينة أصلاً، ولا مكة أيضاً.

(كما ينفي الكير خبث الحديد) "الكير" بكسر الكاف وسكون الياء الزق الذي ينفخ فيه الحداد، وأكثر أهل اللغة على أنه حانوت الحداد والصائغ. والخبث بفتح الخاء والباء الوسخ الذي تخرجه النار. قال النووي: وهذا والله أعلم زمن الدجال، وقال عياض: كأن هذا مختص بزمنه صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام معه بها إلا من ثبت إيمانه. وقال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون المراد الزمنين، وكان الأمر في حياته صلى الله عليه وسلم كذلك للسبب المذكور، ويؤيده قصة الأعرابي [روايتنا الثالثة والثلاثون] فإنه صلى الله عليه وسلم ذكر هذا الحديث معللاً به خروج الأعرابي، وسؤاله الإقالة عن البيعة، ثم يكون ذلك أيضاً في آخر الزمان، عندما ينزل بها الدجال، فترجف بأهلها، فلا يبقى منافق ولا كافر إلا خرج إليه، وأما ما بين ذلك فلا.

(أمرت بقرية تأكل القرى) قال النووي: معناه أمرني ربي بالهجرة إليها، واستيطانها، وذكروا في معنى أكلها القرى وجهين: أحدهما: أنها مركز جيوش الإسلام في أول الأمر، فمنها فتحت القرى، وغنمت أموالهم وسباياها، والثاني: معناه أن أكلها وميرتها تكون من القرى المفتتحة، وإليها تساق غنائمها. وقال الحافظ ابن حجر: "تأكل القرى" أي تغلبهم، وكنى بالأكل عن الغلبة لأن الأكل غالب على المأكول. وقال ابن المنير: يحتمل أن يكون المراد بأكلها القرى غلبة فضلها على فضل غيرها.

(يقولون: يثرب. وهي المدينة) أي إن بعض المنافقين يسميها "يثرب" واسمها الذي يليق بها "المدينة". و"يثرب" إما من التثريب الذي هو التوبيخ والملامة، أو من الثرب، وهو الفساد، وكلاهما مستقبح، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن، ويكره الاسم القبيح.

قال النووي: قال العلماء: ولمدينة النبي صلى الله عليه وسلم أسماء - المدينة - طابة - طيبة - الدار [لأمنها واستقرارها] اهـ وفي أخبار المدينة أن لها عشرة أسماء. ما سبق، والمطيبة، والمسكينة، والجابرة، والمجبورة، والمحببة، والمحبوبة والقاصمة.

ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم سكنها العماليق قديماً، ثم نزلها طائفة من بني إسرائيل، ثم نزلها الأوس والخزرج، لما تفرق أهل سبأ بسبب سيل العرم.

(فأصاب الأعرابي وعك) بفتح العين، وهو ألم الحمى، ووعك كل شيء معظمه وشدته.

(أقلني بيعتي) بفتح الهمزة وكسر القاف وسكون اللام أي اصفح عني، وافسخ بيعتي لك، وأعد لي ما كان لي قبل البيعة، والظاهر أنه سأل الإقالة من الإسلام، كذا قال القاضي عياض وقال غيره: إنما استقاله من الهجرة، وإلا لقتله على الردة.

(وينصع طيبها) "ينصع" بفتح الياء والصاد بينهما نون ساكنة، أي يصفو ويخلص ويتميز، والناصع الصافي الخالص، ومنه قولهم: ناصع البياض، أي صافيه وخالصه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015