الكفار الذي يبعدون من رحمة الله تعالى كل الإبعاد. والقصد من لعن الملائكة والناس المبالغة في هذا الإبعاد، والتنفير من الفعل بالوعيد الشديد.
(لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً) في ملحق الرواية الثالثة عشرة "لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل" قيل: الصرف الفريضة، والعدل النافلة، وقيل: الصرف النافلة، والعدل الفريضة، وقيل: الصرف التوبة، والعدل الفدية، وقيل: الصرف الاكتساب، والعدل الفدية، وقيل: العدل الحيلة، وقيل: العدل المثل، وقيل: الصرف الدية، والعدل الزيادة، ذكر ذلك النووي. والظاهر أن المراد لا يقبل منه عمل صالح حالة الإحداث أو إيواء المحدث، بمعنى لا تقبل صالحاته قبول غيره مضعفة الأجر بالغة الثواب، مكفرة الذنوب، كبقية المذنبين، حين يعملون الصالحات في الحرم، وإن كانت تقبل قبول إسقاط الفريضة، أو قبول مجازاة عادية.
(فقال ابن أنس) قال النووي: كذا وقع في أكثر النسخ، ووقع في بعضها "فقال أنس" بحذف لفظة "ابن" قال القاضي: ووقع عند عامة شيوخنا "فقال ابن أنس" بإثبات "ابن" قال: وهو الصحيح، وكأن ابن أنس ذكر أباه بهذه الزيادة، لأن سياق هذا الحديث من أوله إلى آخره من كلام أنس، فلا وجه لاستدراك أنس بنفسه.
(اللهم بارك لهم في مكيالهم .... ) قال النووي: قال القاضي: البركة هنا بمعنى النمو والزيادة، وتكون بمعنى الثبات واللزوم. قال: فقيل: يحتمل أن تكون هذه البركة دينية، وهي ما تتعلق بهذه المقادير من حقوق الله تعالى في الزكاة والكفارات، فتكون بمعنى الثبات والبقاء لها، كبقاء الحكم بها ببقاء الشريعة وثباتها، ويحتمل أن تكون دنيوية، من تكثير الكيل والقدر بهذه الأكيال، حتى يكفي منه ما لا يكفي من غيره في غير المدينة، أو ترجع البركة إلى التصرف بها في التجارة وأرباحها، وإلى كثرة ما يكال بها من غلاتها وثمارها، أو تكون الزيادة فيما يكال بها، لاتساع عيشهم وكثرته بعد ضيقه، لما فتح الله عليهم، ووسع من فضله لهم وملكهم من بلاد الخصب والريف بالشام والعراق ومصر وغيرها، حتى كثر الحمل إلى المدينة، واتسع عيشهم، حتى صارت هذه البركة في الكيل، فزاد مدهم، وصار هاشمياً، مثل مد النبي صلى الله عليه وسلم مرتين، أو مرة ونصفاً، وفي هذا كله ظهور إجابة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وقبولها. قال النووي: هذا آخر كلام القاضي. والظاهر من هذا كله أن البركة في نفس المكيل في المدينة، بحيث يكفي المد فيها لمن لا يكفيه في غيرها. والله أعلم.
(فيها أسنان الإبل) أي مقادير زكاة الإبل حسب أسنانها.
(وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم) المراد بالذمة هنا الأمان، ومعناه أن أمان المسلمين للكافر صحيح، فإذا أمنه أحد المسلمين حرم على غيره التعرض له، مادام في أمان المسلم، عظم هذا المسلم أو لا، حتى العبد والمرأة، وقال البيضاوي: الذمة العهد، سمي بها لأنه يذم متعاطيها. ومعنى "يسعى بها أدناهم" أي يتولاها الشريف والوضيع.