(فوجد عبداً يقطع شجراً أو يخبطه فسلبه) معنى سلب الصائد وقاطع الشجر والكلأ في المدينة، أي تؤخذ ثيابه، وجميع ما عليه إلا ما يستر العورة، وقطع الجمهور أنه يسلب كسلب القتيل من الكفار، فيؤخذ فرسه وسلاحه، ونفقته وغير ذلك مما يدخل في سلب القتيل، ولصالح من يؤخذ هذا السلب؟ ثلاثة أقوال عند الشافعية، أصحها للسالب، وهو الموافق للحديث، والثاني لمساكين المدينة، والثالث لبيت المال.
(نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم) بفتح النون وتشديد الفاء المفتوحة، كذا ضبطه الأصل، وفي تاج العروس بتخفيف الفاء، يقال: نفل الإمام الجند جعل لهم ما غنموا، والنافلة الغنيمة.
(وقال في الحديث ... ) الحديث في البخاري في كتاب الجهاد -باب من غزا بصبي للخدمة، وكان أنس رضي الله عنه يحكي قصة رجوعهم من خيبر.
(هذا جبل يحبنا ونحبه) قال النووي: الصحيح المختار أن معناه أن أحداً يحبنا حقيقة، أي جعل الله تعالى فيه تمييزاً يحب به، كما قال سبحانه وتعالى {وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله} [البقرة: 74]. وكما حن الجذع اليابس، وكما سبح الحصى، وكما فر الحجر بثوب موسى صلى الله عليه وسلم، وكما قال صلى الله عليه وسلم: "إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي"، وكما قال سبحانه وتعالى {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} [الإسراء: 44]. قال النووي: وهذا ما أشبهه ما اخترناه واختاره المحققون في معنى الحديث، وأن أحداً يحبنا حقيقة، وقيل: المراد يحبنا أهله، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه وسيأتي قريباً بقية مباحثه في باب فضل جبل أحد.
(فمن أحدث فيها حدثاً -ثم قال لي: هذه شديدة) قال القاضي: معناه من أتى فيها إثماً وظلماً. اهـ ومعنى "هذه شديدة" أي هذه الجريمة شديدة وعقوبتها شديدة.
(من أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) في الرواية الثالثة عشرة والرابعة عشرة "أو آوى محدثاً" قال القاضي: معناه من أتى فيها إثماً، أو آوى من أتاه وضمه إليه وحماه، يقال: أوى وآوى بالقصر والمد، في الفعل اللازم والمتعدي جميعاً، لكن القصر في اللازم أشهر وأفصح، والمد في المتعدي أشهر وأفصح. قال: ولم يرو لفظ "محدثاً" إلا بكسر الدال، وقال المازري: روي بوجهين، كسر الدال وفتحها، قال: فمن فتح أراد الإحداث نفسه، ومن كسر أراد فاعل الحدث.
ومعنى "فعليه لعنة الله ... إلخ" أن الله تعالى يلعنه [فالجملة خبرية لفظاً ومعنى] وكذا يلعنه الملائكة والناس أجمعون، فاللعن في اللغة هو الطرد والإبعاد. قالوا: والمراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه، والطرد عن الجنة أول الأمر مع السابقين، وليس كلعن