قال الحافظ وهو اعتلال لا معنى له. نعم عند المالكية خلاف في قتل صغير الحية والعقرب التي لا تتمكن من الأذى.
وخلاصة أقوال الفقهاء في هذا الموضوع: أن المالكية يرون العلة كونها مؤذية فيلحقون بها كل مؤذ، والأذى أنواع، وكأنه نبه بالعقرب على ما يشاركها في الأذى باللسع ونحوه من ذوات السموم، كالحية، والزنبور وبالفأرة على ما يشاركها في الأذى بالنقب والقرض، كابن عرس، وبالغراب والحدأة على ما يشاركهما بالاختطاف كالصقر وبالكلب العقور على ما يشاركه في الأذى بالعدوان والعقر، كالأسد والفهد.
والشافعية يرون العلة كونها مما لا يؤكل، وقد قسم هو وأصحابه الحيوان بالنسبة للمحرم إلى ثلاثة أقسام:
قسم يستحب قتله كالخمس وما في معناها مما يؤذي.
وقسم يجوز قتله، كسائر ما لا يؤكل لحمه، وهو قسمان: الأول ما يحصل منه نفع وضرر، فيباح لما فيه من منفعة الاصطياد، ولا يكره لما فيه من العدوان. والثاني ما ليس فيه نفع ولا ضرر، فيكره قتله ولا يحرم.
والقسم الثالث ما أبيح أكله، أو نهي عن قتله، فلا يجوز قتله، وفيه الجزاء إذا قتله المحرم.
أما الحنفية فاقتصروا على الخمس، إلا أنهم ألحقوا بها الحية، لثبوت الخبر بها والذئب لمشاركته الكلب في الكلبية، وألحقوا بذلك من ابتدأ بالعدوان والأذى من غيرها.
بقيت أنواع اختلف الفقهاء في جواز قتلها، منها الوزغ، وهو دابة صغيرة لها قوائم تعدو في أصول الحشيش، وتعيش في الجدران والخربات، وهي ما يطلق عليها [البرص].
وفي البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للوزغ فويسق، ولم أسمعه يأمر بقتله"، وعدم سماع عائشة لا يدل على منع قتله. قال العيني: فقد سمعه غيرها، وفي مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مرفوعاً "أمر بقتل الأوزاغ" ثم ساق العيني مجموعة من الأحاديث في قتل الوزغ، ثم قال: ونقل ابن عبد البر الاتفاق على جواز قتله في الحل والحرم لكن نقل ابن عبد الحكم وغيره عن مالك: لا يقتل المحرم الوزغ، زاد ابن القاسم: وإن قتله يتصدق، لأنه ليس من الخمس المأمور بقتلها.
ومنها البعوض والبراغيث والذباب والقمل والبق والنمل. قال ابن المنذر قال الشافعي وأصحاب الرأي: لا شيء على المحرم في قتل البعوض والبراغيث والبق، وكذا قال عطاء في البعوض والذباب.
وقال مالك: في الذباب والقمل إذا قتلها أرى أن يتصدق بشيء من الطعام، وكان الشافعي يكره قتل النملة، ولا يرى على المحرم في قتلها شيئاً قال: فأما "الزنبور" [وهو المعروف عند العامة بالدبور] فقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يأمر بقتله، وقال عطاء وأحمد: لا جزاء فيه، وقال