أو مذبوحاً فرد فأهدى جزءاً منه بعيد جداً، والتأويل بإطلاق الكل وإرادة الجزء جيد، وفيه الجمع بين الروايات وليس فيه توهيم لرواية الزهري التي هي عمدة الباب. والله أعلم.
(وهو بالأبواء أو بودان) الأبواء بهمزة مفتوحة وباء ساكنة جبل من عمل الفرع بضم الفاء والراء بين مكة والمدينة، قيل سمي بذلك لأن السيول تتبوؤه أي تحمله (أو بودان) الشك من الراوي. وودان بفتح الواو وتشديد الدال موضع بقرب الجحفة، وودان أقرب إلى الجحفة من الأبواء، فإن القادم من المدينة إلى مكة يصل الأبواء فيكون بينه وبين الجحفة ثلاثة وعشرون ميلاً، ثم يصل ودان فيكون بينه وبين الجحفة ثمانية أميال.
(فلما أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي قال) في رواية "فلما عرف في وجهي" وفي رواية "فلما رأى ما في وجهي من الكراهية" وفي رواية "فلما عرف في وجهي رده هديتي" أي أثر رده هديتي قال ... إلخ.
(إنا لم نرده عليك) وفي رواية "ليس بنا رد عليك". وفي رواية "إنا لم نرده عليك كراهية له، ولكنا حرم" قال الحافظ ابن حجر: قال عياض: ضبطناه في الروايات "لم نرده" بفتح الدال، وأبى ذلك المحققون من أهل العربية، وقالوا: الصواب أنه بضم الدال، لأن المضاعف من المجزوم يراعى فيه الواو التي توجبها له ضمة الهاء بعدها، وليس الفتح بغلط وأجازوا أيضاً الكسر وهو أضعف الأوجه، وقد وقع في رواية "لم نردده" بفك الإدغام، ولا إشكال فيه.
وقال العيني بعد أن نقل مضمون ما سبق: هذا في المضاعف إذا دخله الهاء أن يضم ما قبلها، وهذا في المذكر، وأما في المؤنث مثل: لم نردها، فمفتوح الدال مراعاة للألف، وفي مثل هذه الصيغة قبل دخول الهاء عليها أربعة أوجه: الفتح لأنه أخف الحركات، والضم إتباعاً لضمة عين الفعل، والكسر لأنه الأصل في تحريك الساكن، والفك.
(إلا أنا حرم) "أنا" بتشديد النون وفتح الهمزة، على التعليل. قال الكرماني: لام التعليل محذوفة، والمستثنى منه مقدر [عموم العلل] أي لا نرده لعلة من العلل إلا لأننا حرم و"حرم" بضمتين جمع حرام، أي محرمون، وفي رواية النسائي "إلا أنا حرم لا نأكل الصيد" وفي روايتنا الثانية "لولا أنا محرمون لقبلناه منك" وفي روايتنا الرابعة "إنا لا نأكله. إنا حرم".
(عن أبي قتادة قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) في الرواية السابعة "عن عبد الله بن أبي قتادة قال: انطلق أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية" على الإرسال، وفي الرواية الثامنة عن أبي قتادة "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجاً وخرجنا معه" وفي الرواية التاسعة عن أبي قتادة "أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الحديبية" والقصة في غزوة الحديبية والإشكال في روايتنا الثامنة "خرج حاجاً" قال الإسماعيلي: هذا غلط ولعل الراوي أراد خرج محرماً، فعبر عن الإحرام بالحج غلطاً، وقيل: لعله أراد من الحج قصد البيت، فكأنه قال: خرج قاصداً للبيت، ولهذا يقال للعمرة: الحج الأصغر.