محل. واقتص الحديث. وفيه: قال "هل أشار إليه إنسان منكم أو أمره بشيء؟ " قالوا: لا. يا رسول الله! قال "فكلوا".

2507 - عن معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن أبيه. قال: كنا مع طلحة بن عبيد الله ونحن حرم. فأهدي له طير. وطلحة راقد. فمنا من أكل. ومنا من تورع. فلما استيقظ طلحة وفق من أكله. وقال: أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

-[المعنى العام]-

شاءت حكمة الله أن يجعل بيته الحرام أمناً، أمناً حتى على الحيوان، فحرم صيده، بل حرم تنفير صيده، بل شاءت حكمة الله أن يجعل قاصد بيته مصدر أمن، وصورة للسلم والمسالمة حتى مع الصيد، فحرم جل شأنه على المحرم صيد البر، فقال: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} [المائدة: 96]. وقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} [المائدة: 95]. وقرر عقاباً وجزاء لمن يرتكب هذه الجريرة مع الوعيد الشديد، فقال: {ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام} [المائدة: 95]. والجريمة إذا عظمت أحيطت بسياج من الممنوعات، فحرمت السنة مساعدة المحرم للصائد، حرمت على المحرم أن يعين الصائد محرماً أو حلالاً بأي نوع من أنواع العون حتى الإشارة، وحرمت على المحرم أن يأكل من لحم صيد صاده محرم، أو صاده محل من أجله، وهذه الأحاديث تصور لنا هذا الإطار الحكيم.

الصعب بن جثامة -وهو حل- يصطاد حماراً وحشياً، فيهديه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم، فلا يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الهدية، ويردها لمهديها، فيظهر الأسف والخجل والكسوف في وجه الصعب، فيقول له صلى الله عليه وسلم: لم نردها عليك استهانة بها أو بك أو غضباً عليك ولكن لأننا جميعاً محرمون لا نأكل لحم صيد لنا، لولا أننا محرمون لقبلناه منك وأكلناه.

وهذا أبو قتادة يخرج في جيش المسلمين لغزوة الحديبية، وفي الطريق يرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض أصحابه لمهمة استطلاعية، أحرم أصحابه الذين معه بعمرة، ولم يحرم، وبقي حلالاً. ونزلوا يستريحون، وجلس أبو قتادة يخصف نعله. لاحت منه التفاتة إلى أصحابه فوجدهم ينظرون بعيداً، ثم ينظر بعضهم إلى بعض يبتسمون، إنهم يرون حمار وحش سهل الصيد، لكنهم ممنوعون من الصيد، إن أبا قتادة بينهم حلال، يمكنه أن يصطاده، لكنهم ممنوعون من الإشارة عليه بالصيد، وأدرك أبو قتادة الأمر، فوضع السرج على فرسه وأخذ سوطه ورمحه وركب، فسقط السوط والرمح، فطلب من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015