روايتنا الرابعة عشرة "إذا أراد أن يحرم يتطيب" فالتطيب عند إرادة الإحرام وقبله، وهذا هو المراد من قولها في الرواية الأولى والثانية "حين أحرم" أي حين أراد أن يحرم، وقولها في الرواية السابعة عشرة "عند إحرامه" أي عند إرادته الإحرام وقبل أن يحرم بدليل قولها في الرواية الثالثة، والسابعة، والسادسة عشرة "قبل أن يحرم" وقولها في الرواية السابعة عشرة والتاسعة عشرة "أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه، ثم طاف في نسائه ثم أصبح محرماً" وقولها في الرواية الثامنة عشرة "ثم يطوف على نسائه، ثم يصبح محرماً ينضخ طيباً".

وقد اعترض على قولها في الرواية السابعة، والسادسة عشرة، والثامنة عشرة "كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم" بأن هذا التعبير يفيد التكرار، مع أن ذلك لم يقع منها إلا مرة واحدة، وقد صرحت بعض الروايات بأن ذلك كان في حجة الوداع. قال النووي: المختار أن "كان" لا تقتضي تكراراً ولا استمراراً وجزم ابن الحاجب بأنها تقتضيه، قال: ولهذا استفدنا من قولهم: "كان حاتم يقري الضيف" أن ذلك كان يتكرر منه، وقال جماعة من المحققين: إنها تقتضي التكرار ظهوراً، لكن قد تقع قرينة تدل على عدمه، فيستفاد من السياق المبالغة في إثبات ذلك، على معنى أنها كانت ستكرر فعل الطيب لو تكرر منه فعل الإحرام وذلك لما اطلعت عليه من استحبابه لذلك. قال الحافظ ابن حجر: على أن هذه اللفظة لم تتفق عليها الرواة عنها. ففي كثير من الروايات لفظ "طيبت" والله أعلم.

(ولحله قبل أن يطوف بالبيت) المراد به طواف الإفاضة، وفي الرواية الثانية "ولحله حين أحل قبل أن يطوف بالبيت" وفي الرواية الثامنة "ولحله قبل أن يفيض" وفي الرواية السادسة عشرة "ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت" وللحج تحللان يأتي الكلام عليهما في فقه الحديث.

(بيدي بذريرة) في بعض الروايات "بيدي هاتين" وأشارت بيديها والذريرة بفتح الذال: نوع من الطيب يستخرج من زهر نبت قصبي -أي ساقه أنابيب وكعوب- كان يؤتى به من الهند، ولعله كان خير الطيب عندهم في ذلك الوقت، لقولها في الرواية السادسة "بأطيب الطيب" وفي الثامنة "بأطيب ما وجدت" وفي السابعة "بأطيب ما أقدر عليه" وفي الرابعة عشرة "بأطيب ما يجد".

ولا يعارض قولها "بذريرة" قولها في الرواية السادسة عشرة "بطيب فيه مسك" وقولها في الرواية الخامسة عشرة "كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم" فإنهم كانوا يخلطون أنواع الطيب الجيد فيزداد جودة.

(قبل أن يفيض) يقال أفاض الحجاج أي انصرفوا واندفعوا، والمراد قبل أن يطوف طواف الإفاضة، وطواف الإفاضة يوم النحر، حيث ينصرف الحاج من منى إلى مكة فيطوف ويعود، فعند الدارمي "وطيبته بمنى قبل أن يفيض" وفي روايتنا السادسة عشرة "ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت".

(وبيص الطيب) أي بريقه، وقيل: إن الوبيص زيادة على البريق وأن المراد به التلألؤ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015