سحابة فمطرنا، حتى سال سقف المسجد، وكان من جريد النخل" أي كان المسجد مظللاً بالجريد والخوص، ولم يكن محكم البناء بحيث يمنع من المطر الكثير.
(فأبصرت الطين والماء، فخرج حين فرغ من صلاة الصبح وجبينه وروثة أنفه فيهما الطين والماء) وفي الرواية التاسعة "فنظرت إليه وقد انصرف من صلاة الصبح ووجهه مبتل طيناً وماء" وفي الثانية عشرة "وأقيمت الصلاة، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين. قال: حتى رأيت أثر الطين في جبهته" وفي الرابعة عشرة "فانصرف وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه" والحاصل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤي وهو يسجد في طين وماء، ورؤي بعد الانصراف من الصلاة وعلى وجهه، وعلى جبينه وعلى جبهته وأنفه أثر الطين والماء، و"روثة الأنف" بالتاء هي طرفه، ويقال لها أيضاً: أرنبة الأنف، وقد جاء في ملحق الرواية الثانية عشرة "وعلى جبهته وأرنبته -أي أرنبة أنفه- أثر الطين" والجبين غير الجبهة، فالجبين في جانب الجبهة، وللإنسان جبينان، يكتنفان الجبهة، ولا يلزم من امتلاء الجبين امتلاء الجبهة، قاله النووي.
وقال: قوله "وجبينه ممتلئاً" [في روايتنا العاشرة] كذا هو في معظم النسخ "ممتلئاً" بالنصب، وفي بعضها "ممتلئ" ويقدر للمنصوب فعل محذوف، أي وجبينه رأيته ممتلئاً. اهـ والأولى اعتبارها خطأ من الناسخ، والله أعلم. والمراد من أثر الطين والماء بقيته، وليس المراد محض الأثر، وهو ما يبقى بعد زوال العين.
(العشر الوسطى من رمضان) كذا في الرواية الثانية عشرة، والمراد بالعشر الليالي، وهي مؤنثة فوصفت بالمؤنث "الوسطى" ولا إشكال فيها، ولكن الإشكال في الرواية الحادية عشرة، والثالثة عشرة "العشر الأوسط" إذ وصفت بالمذكر. قال الحافظ: على إرادة الوقت أو الزمان، أو التقدير الثلث، كأنه قال: الليالي العشر التي هي الثلث الأوسط من الشهر، قال: ووقع في الموطأ "العشر الوسط" بضم الواو والسين، جمع وسطى.
(فخرجنا صبيحة عشرين، فخطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي فخرجنا من معتكفنا، وفي الكلام حذف، تقديره: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من معتكفه، وأزيلت قبته، ثم أعادها، فخطبنا ... إلخ.
(يلتمس ليلة القدر قبل أن تبان له ... ثم أبينت له أنها في العشر الأواخر، فقال: إنها كانت أبينت لي ليلة القدر ... فنسيتها) المعنى قبل أن تبان له أنها في العشر الأواخر، ثم أبينت له أنها في يوم كذا من العشر الأواخر، فنسيها. أي نسي اليوم المحدد، وظل ذكر أنها في العشر الأواخر.
(فجاء رجلان يحتقان معهما الشيطان، فنسيتها) "يحتقان" أي يطلب كل واحد منهما حقه، ويدعي أنه المحق، وفي ملحق الرواية نفسها "يختصمان" وفي رواية البخاري "فتلاحى فلان وفلان" أي وقعت بينهما ملاحاة، وهي المخاصمة والمنازعة، وزاد ابن إسحاق: أنه لقيهما عند باب المسجد، فحجز بينهما، أي وانشغل بقضيتهما، وكان هذا سبب النسيان، لكن في الرواية الثامنة