وقيل: كان صلى الله عليه وسلم يصوم صوم داود، نصف العام، فيبقى عليه بقية يؤديها في شعبان.

قال الحافظ: والأولى في ذلك ما جاء في حديث أصح مما مضى، أخرجه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة، عن أسامة بن زيد قال: "قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم". اهـ

ورفع الأعمال إلى الله في شعبان دون غيره مشكل" فقد ورد كما سيأتي أنها ترفع كل اثنين وكل خميس، نعم روي في أحاديث ضعيفة أن الملائكة الموكلين بأعمال العباد وآجالهم وأرزاقهم ينسخون في كتبهم أعمالهم للسنة في ليلة النصف من شعبان، فقد روى المحب الطبري، عن عائشة رضي الله عنها أنها "قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: مالي أراك تكثر صيامك فيه: قال: يا عائشة. إنه شهر ينسخ فيه ملك الموت من يقبض، وأنا أحب أن لا ينسخ اسمي إلا وأنا صائم" وروى الترمذي عن عائشة: قالت: "فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فخرجت، فإذا هو بالبقيع. فقال: أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قلت: يا رسول الله، ظننت أنك أتيت بعض نسائك. فقال: إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم بني كلب" والحديث ضعيف في سنده انقطاع وزاد البيهقي في بعض رواياته "قال: هل تدري ما في هذه الليلة؟ قالت: ما فيها يا رسول الله؟ قال: فيها أن يكتب كل مولود من بني آدم في هذه السنة وفيها أن يكتب كل هالك من بني آدم في هذه السنة وفيها ترفع أعمالهم، وفيها تنزل أرزاقهم".

وأخرج ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان عن علي -كرم الله وجهه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا، فيقول: ألا مستغفر فأغفر له؟ ألا مسترزق فأرزقه؟ ألا مبتلى فأعافيه؟ ألا كذا؟ ألا كذا؟ حتى يطلع الفجر".

وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يطلع الله تعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان، إلا اثنين، مشاحن وقاتل نفس".

ويفسر عكرمة الليلة المباركة في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم} [الدخان: 3، 4]. يفسرها بليلة النصف من شعبان، فقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة أنه قال في الآية: في ليلة النصف من شعبان يبرم أمر السنة، وينسخ الأحياء من الأموات. ويكتب الحاج، فلا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم أحد" وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان، حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى" والجمهور على أن المراد بالليلة المباركة ليلة القدر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015