(أ) ظاهر قوله تعالى: {فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} قالوا: ظاهره فعليه عدة من أيام أخر، أو قالوا يجب عدة من أيام أخر.
(ب) قوله صلى الله عليه وسلم عن الذين صاموا في [روايتنا الرابعة] "أولئك العصاة، أولئك العصاة".
(جـ) قوله صلى الله عليه وسلم "ليس من البر الصيام في السفر" [روايتنا الخامسة] قالوا: ومقابل البر الإثم، وإذا كان آثماً بصومه لم يجزئه.
(د) قوله صلى الله عليه وسلم "ذهب المفطرون اليوم بالأجر" روايتنا الثانية عشرة والثالثة عشرة.
(هـ) قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الطبري من طريق مجاهد "إذا سافرت فلا تصم. فإنك إن تصم قال أصحابك: أكفوا الصائم. ارفعوا للصائم، وقاموا بأمرك، وقالوا: فلان صائم، فلا تزال كذلك حتى يذهب أجرك".
(و) ما أخرجه أحمد أن رجلاً قال لابن عمر: إني أقوى على الصوم في السفر؟ فقال له ابن عمر: من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة.
(ز) الحديث المشهور الذي أخرجه ابن ماجه عن ابن عمر مرفوعاً "الصائم في السفر كالمفطر في الحضر" وأخرجه الطبري عن عائشة مرفوعاً ورواه الأثرم عن أبي سلمة مرفوعاً، وكذلك أخرجه النسائي وابن المنذر.
(حـ) وأن الفطر كان آخر الأمرين، وأن الصحابة كانوا يأخذون بالآخر فالآخر من فعله، فصومه صلى الله عليه وسلم في السفر منسوخ [روايتنا الأولى].
وروي عن ابن عمر أنه قال: "من صام قضاه، وعن ابن عباس "لا يجزئه الصيام" وحكي بطلان صوم المسافر عن أبي هريرة. ذكر ذلك النووي في المجموع.
وفي مقابل أهل الظاهر ذهب جماعة من العلماء -كما حكى الطبري- إلى أن الفطر في السفر لا يجوز إلا لمن خاف على نفسه الهلاك أو المشقة الشديدة.
قال النووي: قال جماهير العلماء وجميع أهل الفتوى: يجوز صومه في السفر، وينعقد ويجزيه. واختلفوا في أن الصوم أفضل؟ أم الفطر أفضل؟ أم هما سواء، فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي والأكثرون: الصوم أفضل لمن أطاقه بلا مشقة ظاهرة ولا ضرر، فإن تضرر به فالفطر أفضل. اهـ.
وقال كثير من العلماء الفطر أفضل مطلقاً عملاً بالرخصة، قال الحافظ ابن حجر: وهو قول الأوزاعي وأحمد وإسحق وقال آخرون: هو مخير مطلقاً وهما سواء.
وقال آخرون: أفضلهما أيسرهما، لقوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} فإن كان الفطر أيسر عليه فهو أفضل في حقه، وإن كان الصيام أيسر، كمن يسهل عليه حينئذ، ويشق عليه قضاؤه بعد ذلك فالصوم في حقه أفضل.