للموجود المشاهد، ويكفي في رده قوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة"، فإنه لو كان رمضان أبداً ثلاثين لم يحتج إلى هذا. قال: ومنهم من تأول له معنى لائقاً. وذكر أقوالاً تزيد على سبعة:
قيل: لا ينقصان معاً، فلا يكونان في عام ثمانية وخمسين يوماً، إن جاء أحدهما تسعاً وعشرين جاء الآخر ثلاثين ولا بد. نسب هذا إلى أحمد. نقل ذلك الترمذي. قال: قال أحمد: معناه لا ينقصان معاً في سنة واحدة. كما نسب إلى البزار قوله: معناه لا ينقصان جميعاً في سنة واحدة، واستند إلى حديث مرفوع "شهرا عيد لا يكونان ثمانية وخمسين يوماً".
قال الطحاوي: حمل الحديث على هذا يدفعه العيان، لأنا قد وجدناهما ينقصان معاً في أعوام.
وقيل: لا ينقصان معاً في سنة واحدة على طريق الأكثر الأغلب وإن ندر وقوع ذلك. قال الحافظ ابن حجر: وهذا أعدل مما تقدم.
وقيل: معناه لا ينقصان في عام بعينه، وهو العام الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم تلك المقالة. نقله القرطبي. والمعنى عليه: لا ينقصان معاً هذا العام.
وقيل: معناه لا ينقصان في نفس الأمر في أي عام، لكن ربما حال دون رؤية الهلال مانع. أشار إليه ابن حبان. ولا يخفى بعده.
وقيل: معناه لا يليق وصفهما بالنقصان وإن حصل فعلاً النقص الحسي باعتبار العدد، فإن نقص العدد فيها ينجبر بأن كلاً منهما شهر عيد عظيم.
وقيل: لا ينقصان في الأحكام، على معنى أن الأحكام فيهما وإن كانا تسعة وعشرين؛ متكاملة غير ناقصة عن حكمهما إذا كانا ثلاثين. جزم به البيهقي وقبله الطحاوي.
وقيل: لا ينقصان، أي لا ينقص أحدهما في فضل أيامه عن الآخر.
وقيل: لا ينقصان في الفضيلة، سواء أكانا تسعاً وعشرين أم ثلاثين، وهذا يقتضي أن التسوية في الثواب بين الشهر الذي يكون تسعة وعشرين وبين الشهر الذي يكون ثلاثين، فالثواب متعلق بالشهر لا بالأيام فيه.
وهذا القول أقرب الأقوال وأحراها بالقبول.
وإنما خصهما بالذكر لتعلق حكم الصوم والحج بهما، وفائدة الحديث رفع ما يقع في القلوب من شك لمن صام تسعة وعشرين أو وقف في غير يوم عرفة إذا لم يحصل تقصير في ابتغاء الهلال.
انتهى من فتح الباري بتصرف.
-[فقه الحديث]-
يجمع هذه الأحاديث تعلقها بالهلال، وإن تشعبت مسائلها إلى شعب نجملها في أربع: