القدسي: "كل عمل يعمله ابن آدم له، والحسنة بعشرة أمثالها، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به". رأينا الفضل الواسع الذي يتفضل الله به على عباده في شهر رمضان، فضل تمكين من العبادة، وتيسير لأدائها، وإبعاد لمعوقاتها، وفضل حصار للمحرمات، وتضييق لمسالكها، وتغليق لمنافذها، وحبس لوسوستها وتزيينها وإغوائها، يتمثل ذلك في فتح أبواب الجنة، وغلق أبواب النار، وسلسلة الشياطين، ثم التفضل بالإثابة على القليل كثيراً، والتفضل بالعفو والتسامح والغفران للهفوات "من تطوع بخصلة فيه كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه".
فيا فوز من جاهد فيه نفسه، وغنم خيره، ويا حسرة من تكاسل فيه، وحرم فيه فضل الله.
-[المباحث العربية]-
(كتاب الصوم) الصوم والصيام مصدران لصام يصوم، وهو لغة: الإمساك، ومنه قوله تعالى: {إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً} [مريم: 26] فهذا صوم وإمساك عن الكلام، والصوم في شرع الإسلام: الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس. قاله ابن قدامة. وقيل: هو إمساك المكلف بالنية عن المفطرات. والتعريف الذي يشمل جميع الخلافات الفقهية أن يقال: إمساك مخصوص عن شيء مخصوص في زمن مخصوص بشرائط مخصوصة. ذكره في "الفتح".
(إذا جاء رمضان) وفي الرواية الثانية "إذا كان رمضان" فكان تامة، و"رمضان" فاعل، وفي رواية للبخاري "إذا دخل شهر رمضان" ودخول رمضان يبدأ بمغرب أول ليلة منه. و"رمضان" اسم للشهر المعروف.
قال الزمخشري: رمضان من رمض إذا احترق من الرمضاء، فأضيف إليه الشهر وجعل علماً، ومنع الصرف للعلمية والألف والنون، وسموه بذلك لارتماضهم فيه من حر الجوع ومقاساة شدته.
وقيل: لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر.
وفي "الغريبين": هو مأخوذ من رمض الصائم يرمض إذا حر جوفه من شدة العطش.
وفي "المغيث": اشتقاقه من رمضت النصل أرمضه رمضاً إذا جعلته بين حجرين ودققته ليرق، سمي الشهر به لأنه شهر مشقة، ليذكر صائموه ما يقاسي أهل النار فيها.
وقيل: من رمضت في المكان يعني احتبست، لأن الصائم يحتبس عما نهي عنه.
وقال ابن خالويه: تقول العرب: جاء فلان يغدو رمضاً [بسكون الميم] ورمضاً [بفتحها] وترميضاً ورمضاناً إذا كان قلقاً فزعاً.