ومال الحافظ ابن حجر إلى التحريم، فرد على الجمهور بقوله: لكن الحديث ورد على سبب الصدقة، وقول العلماء: هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟ اتفقوا فيه على أنه لا يخرج السبب، واختلافهم في هل يختص بالسبب أو لا؟ فالحديث دليل على المنع.

هذا، وروايتنا التاسعة والعاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة واضحات في أن موالي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تحل لهن الصدقة، ولا خلاف في ذلك، لكن هل ذلك لأن الأزواج أنفسهن لا يدخلن في آل محمد صلى الله عليه وسلم الذين لا تحل لهم الصدقة؟ فمواليهن من باب أولى؟ أو الأزواج يدخلن، ولا يدخل مواليهن بالنص؟ .

نقل ابن بطال: أن الأزواج لا يدخلن في ذلك باتفاق الفقهاء. لكن اعترض عليه بحديث عن عائشة قالت: "إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة". وإسناده إلى عائشة حسن كما قال الحافظ ابن حجر.

وظاهر الأحاديث وواقع حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وحكمة التشريع تؤيد دخولهن في تحريم أخذ الصدقة، فلم يثبت أنهن أعطين من الصدقة في حين ثبت إعطاء مواليهن منها، ولو وقع مرة واحدة لذكر، على أن قوله في الرواية الثانية عشرة: "هو عليها صدقة ولكم هدية فكلوه". واضح في دخولهن في المنع، ثم لو أبيح لهن لعادت الصدقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن نفقتهن لازمة عليه.

ورغم أنني أميل إلى دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في الحظر لا أرى دخول زوجة هاشمي آخر فيه إذا كانت غير هاشمية، ولا دخول ولد هاشمية من غير هاشمي. والله أعلم.

-[ويؤخذ من هذه الأحاديث فوق ما تقدم: ]-

1 - من الرواية الأولى، من زجر الحسن أن الصبيان يوقون ما يوقاه الكبار، ويمنعون من تعاطي المحرم، وهذا واجب الولي، وإن كانوا غير مكلفين، ليتدربوا على ذلك.

2 - واستنبط بعضهم منه منع الصغيرة من الزينة إذا اعتدت.

3 - ومن قوله: "أما علمت ... إلخ" الإعلام بسبب النهي.

4 - وبمخاطبة من لا يميز، لقصد إسماع من يميز، لأن الحسن إذ ذاك كان طفلاً. قاله الحافظ ابن حجر.

5 - والمبالغة في الزجر لتفخيم الأمر، والاهتمام بالحكم.

6 - ومن ملابسات الحديث دفع الصدقات إلى الإمام.

7 - والانتفاع بالمسجد في الأمور العامة، فقد كانت الصدقات تجمع فيه.

8 - وجواز إدخال الأطفال المساجد.

9 - ومن الروايات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة استعمال الورع، لأن هذه التمرة لا تحرم بمجرد الاحتمال. لكن الورع تركها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015