الترتيب في فقه الحديث فقسمناها إلى تسعة موضوعات، بعد دخولها كلها تحت عنوان [الترغيب في الإنفاق].

الموضوع الأول: الترغيب في الإنفاق بصفة عامة.

الموضوع الثاني: فضل النفقة من الكسب الطيب.

الموضوع الثالث: فضل النفقة من أحب الأموال.

الموضوع الرابع: فضل النفقة بالقليل وعدم احتقاره.

الموضوع الخامس: فضل نفقة السر.

الموضوع السادس: فضل نفقة الخازن من مال السيد. والزوجة من مال زوجها.

الموضوع السابع فضل الإنفاق على العيال والأهل والأقربين ومن تعول.

الموضوع الثامن: قبول الصدقة إذا وضعت في غير موضعها من غير علم.

الموضوع التاسع: الحث على التعجيل بالإنفاق.

وهذا هو التفصيل.

فضل الإنفاق بصفة عامة

وفضيلة الشيء تظهر من مكسبه في الدنيا ومن جزائه في الآخرة، كما تظهر في خسارة نقيضه دنيا، وعاقبة نقيضه في الآخرة، وقد اتخذت الشريعة لذلك أسلوب الحث على الإنفاق والترغيب فيه والوعد الجميل عليه كما اتخذت لذلك أسلوب التحذير من الشح والتنفير منه والوعيد الشديد عليه. نقرأ ذلك في الحديث القدسي رقم (1) و (2) من أحاديثنا حيث يقول الله تعالى: "يا ابن آدم أنفق أنفق عليك" -أي لا تخش نفاد ما لديك، فالله هو الرزاق ابتداء، والله رزاق حالاً واستقبالاً. خزائنه لا تنفد -"يمين الله ملأى"- على الدوام، معطاءة "سحاء" على الدوام، لا ينقصها العطاء مهما أعطت "لا يغيضها شيء" دوام "الليل والنهار".

لو تدبرنا كم أنفقت البشرية؟ وكم استهلكت من أرزاق منذ خلق السموات والأرض؟ لو تصورنا ذلك تخيلنا كماً هائلاً، ومع ذلك لم تنفد خزائنه، بل لم تنقص، فهو القائل جل شأنه "لو أن أهل السموات والأرض قاموا في صعيد واحد فطلب كل منهم ما طلب فأعطيت كلاً منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في البحر". أرأيتم ماذا أنفق مذ خلق السموات والأرض؟ فإنه لم "يغض" ولم ينقص "ما في يمينه" يعطي ويمنع، كل يوم هو في شأن، يرفع أقواماً ويخفض آخرين {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب} [آل عمران: 26، 27].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015