(فأحمي عليها في نار جهنم) أي أوقد عليها، وقيل في "جهنم": أنه اسم أعجمي يمنع من الصرف للعلمية والعجمة، وقيل: هو اسم عربي، ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث، مستمد من الجهومة، وهي الغلظ، لغلظ أمرها في العذاب، وقيل: سميت بذلك لعمق مقرها، يقال: "بئر جهنام، أي بعيدة القعر".
(فيكوى بها) أي بصفائح النار.
(جنبه وجبينه وظهره) في الرواية الثانية "فيكوى بها جنباه وجبينه"، وفي الرواية الثانية عشرة "بشر الكانزين بكي في ظهورهم يخرج من جنوبهم وبكي من قبل أقفائهم يخرج من جباههم" ولكل إنسان جنبان، فإفراد جنبه يراد به الجنس، والمقصود جنباه، وهو المقصود في قوله تعالى: {يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم} [التوبة: 35] لأن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحاداً، فتكون الآية من جنس روايتنا الأولى، والمراد من الجبين الجبهة، وخصت هذه المواضع من بين أماكن الجسم المتعددة لأن الكي في الوجه أبشع وأشهر، وفي الظهر والجنب آلم وأوجع، أو لأنها مواضع تصل إليها الحرارة بسرعة؛ أو لأن الغنى إذا أقبل عليه الفقير قبض جبهته، وزوى ما بين عينيه، وطوى جنبه، أو لأن الغني إذا جاءه الفقير من قبل وجهه ولى عنه وجهه والتفت إلى جنبه، ثم يدور الفقير فيوليه ظهره، كذا قيل. وحاصله أنه لا يكوى من الجسد إلا هذه المواضع، والأولى أن يقال: إن هذه الأعضاء إشارة إلى الجسد كله، فالجبهة إشارة إلى مقدم البدن، والظهر إشارة إلى خلفه، والجنبان يمينه وشماله، وإنما خصت بالذكر للتخويف والإرهاب.
(كلما بردت أعيدت له) قال النووي: هكذا هو في بعض النسخ "بردت" بالباء، وفي بعضها "ردت" بضم الراء، وذكر القاضي الروايتين قال: والثانية رواية الجمهور، والأولى هي الصواب.
(فيرى سبيله) قال النووي: ضبطناه بضم الياء وفتحها، وبرفع لام "سبيله" ونصبها.
(قيل ..... فالإبل) الفاء فصيحة وفي الكلام مضاف محذوف. أي هذا إثم صاحب الذهب والفضة، فما إثم صاحب الإبل؟
(لا يؤدي منها حقها) أي لا يخرج منها زكاتها، وفي الرواية الثانية والخامسة "لا يؤدي زكاتها".
(ومن حقها حلبها يوم وردها) "حلبها" قال النووي: هو بفتح اللام على اللغة المشهورة، وحكى إسكانها، وهو غريب ضعيف وإن كان هو القياس. اهـ والمراد حلبها على الماء كما جاء في الرواية الرابعة والخامسة، ليسقي من لبنها أبناء السبيل والمساكين الذين ينزلون على الماء ليكون أسهل على المحتاج من قصد المنازل، وأرفق بالماشية. قال ابن بطال: كانت عادة العرب التصدق