-[المباحث العربية]-
(فرض زكاة الفطر من رمضان) الفرض القطع والتقدير، أي قطع وقدر زكاة الفطر صاعاً إلخ .... على سبيل الإلزام والإيجاب فهي فرض، أو على سبيل الندب فهي سنة، وسيأتي الخلاف فيها في فقه الحديث، وواضح من التعبير أن تشريعها بالسنة لا بالقرآن.
والجار والمجرور "من رمضان" متعلق بالفطر، وحين يقال: أفطر من رمضان يصدق على الإفطار المعتاد في أيام الشهر عند غروب شمس آخر يوم، ويصدق على الفطر الذي تختلف به أيام رمضان عن يوم العيد فيكون بطلوع فجر يوم العيد، لهذين الاحتمالين اختلف العلماء في وقت وجوب الزكاة.
وقال ابن دقيق العيد: الاستدلال بذلك لهذا الحكم ضعيف، لأن الإضافة إلى الفطر لا تدل على وقت الوجوب، بل تقتضي إضافة هذه الزكاة إلى الفطر من رمضان، وأما وقت الوجوب فيطلب من دليل آخر.
(على الناس) عام مخصوص بالمسلمين، إذ هم المكلفون بفروع الشريعة على الأصح.
(صاعاً من تمر) انتصب "صاعاً" على التمييز أو على أنه مفعول ثان لفرض، والصاع أربعة أمداد، والمد ملء كفى الرجل المعتدل، أي حفنة رجل متوسط الجسم والصاع المقدر هو الصاع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وقدره بعض العلماء بقدح وثلث بالكيل المصري، وجمهور العلماء على أن الاعتماد على الكيل هنا لا على الوزن، لأن الحبوب، بل النوع الواحد من الحبوب كالقمح مثلاً منه الثقيل ومنه الخفيف.
والذين قدروه بالوزن اختلفوا، فمنهم من قدره بخمسة أرطال، ومنهم من قدره بستة، ومنهم من قدره بخمسة أرطال وثلث رطل، وقدره الحنفية بثمانية أرطال.
(على كل حر أو عبد) ظاهر التعبير بـ"على" يفيد أن على العبد زكاة نفسه، وبه قيل. وقيل: "على" بمعنى "عن".
(من المسلمين) إذا كانت "على" على ظاهرها فواضح، لأن المخاطبين بالفروع المسلمون كما سبق، وإن كانت بمعنى "عن" أفادت أن السيد لا يخرج عن عبده الكافر.
(صدقة رمضان) الصدقة مأخوذة من الصدق، فكل معروف علامة على صدق الإيمان. وقال الماوردي: الصدقة زكاة، والزكاة صدقة، يفترق الاسم ويتفق المسمى. اهـ.
والتحقيق أنهما مختلفان من حيث اللغة وليسا بمعنى واحد على التساوي في عرف الشرع واستعمالاته، فالزكاة هي القدر الواجب، والصدقة تعم الواجب والتطوع، فمن قبيل إطلاق الصدقة على الزكاة الواجبة قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة} [التوبة: 103] وقوله: {إنما الصدقات للفقراء ... } [التوبة: 60] وقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمس أوسق صدقة". ومن قبيل