وفي رواية: "وأنا امرأة مسنة" وقصدها الاعتذار برفق، وإنها تخشى على رسول الله صلى الله عليه وسلم من حالها.
(فقال: أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها) أي أن يغني البنت عن أمها بكفالته صلى الله عليه وسلم لها، وظاهر الرواية أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك بعيداً عنها، لكن بعض الروايات قالت: "فاستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أدبغ إهاباً، فسلكت يدي منه، وأذنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضعت له وسادة من أدم حشوها ليف فقعد إليها، فقال: أما ما ذكرت من سنك فأنا أكبر منك، وأما ما ذكرت من غيرتك فإني أرجو الله أن يذهبها عنك -فكانت في النساء كأنها ليست منهن لا تجد من الغيرة شيئاً- وأما ما ذكرت من صبيتك فإن الله سيكفيهم".
فلعل روايتنا بأسلوب الغيبة تصرف من الرواة.
(وأدعو الله أن يذهب بالغيرة) بفتح الغين، يقال: أذهب الله الشيء وذهب به، وفي القرآن الكريم: {ذهب الله بنورهم} [البقرة: 17].
(ثم عزم الله لي) أي خلق في عزماً، أو خلق لي عزماً.
(إذا حضرتم المريض -أو الميت-) "أو" شك من الراوي، والمراد من الميت من أشرف على الموت.
(فقولوا خيراً) أي ادعو له بخير.
(فلما مات أبو سلمة أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن أبا سلمة قد مات) في الرواية الخامسة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حضر وفاة أبي سلمة فقولها: يا رسول الله، إن أبا سلمة قد مات ليس للإخبار بموته، ولعله للتوجع وإظهار الحزن.
(وقد شق بصره) فعل وفاعل. قال النووي: "شق" بفتح الشين، و"بصره" بالرفع فاعل "شق" هكذا ضبطناه، وهو المشهور، وضبطه بعضهم "بصره" بالنصب وهو صحيح أيضاً، والشين مفتوحة بلا خلاف.
قال أهل اللغة: يقال: شق بصر الميت، وشق الميت بصره، ومعناه شخص وصار ينظر إلى الشيء لا يرتد إليه طرفه.
(فأغمضه) أي فأغمض عيني أبي سلمة.
(إن الروح إذا قبض تبعه البصر) الروح يذكر ويؤنث، قال النووي: معناه إذا خرج الروح من الجسد تبعه البصر ناظراً أين يذهب. اهـ.
ومعناه أن الروح يرى، وهو بعيد، فالأولى أن يكون المعنى إن الروح إذا قبض تبعه قبض البصر وامتناع الرؤية فتتوقف العين عن الإبصار مع انفتاحها.