(لقنوا موتاكم) في الكلام مجاز المشارفة، أي الأحياء المشرفين على الموت وليس الأموات بالفعل، أي من قرب موته، من باب تسمية الشيء باسم ما يؤول إليه، ومنه قوله تعالى: {إني أراني أعصر خمراً} [يوسف: 36] والتلقين: التذكرة والدعوة إلى القول والنطق، وليس عن طريق الطلب المباشر للنطق، وإنما ينطق من حضر الموت بالشهادتين نطقاً يسمع به الميت كأنه يدعوه للنطق بها.
(لا إله إلا الله) الجملة مقصود لفظها مفعول "لقنوا" وعبارة "لا إله إلا الله" أصبحت لقباً يقصد به الشهادتان شرعاً.
(اللهم أجرني في مصيبتي) يقال: أجره الله أي: أعطاه أجره وجزاء صبره، وهو مقصور "أجره" لا يمد، فلا يقال: آجره الله، وحكى القاضي المد.
(وأخلف لي خيراً منها) "أخلف" بهمزة قطع وكسر اللام. قال أهل اللغة: يقال لمن ذهب له مال أو ولد أو قريب أو شيء يتوقع حصول مثله: أخلف الله عليك، أي رد عليك مثله، فإن ذهب ما لا يتوقع مثله بأن ذهب والد أو عم أو أخ قيل له: خلف الله عليك، بغير ألف، أي كان الله خليفة منه عليك. نقله النووي عن أهل اللغة.
(فلما مات أبو سلمة) اسمه عبد الله بن عبد الأسد بن هلال. أسلم هو وزوجه مع السابقين، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الأولى والثانية. شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بدر، وغزوة أحد، ورمي فيها بسهم في عضده، ثم شفي من جرحه، لكنه عاوده الألم فمات منه على رأس ثلاث سنين من الهجرة.
(أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ ) الاستفهام إنكاري بمعنى النفي، أي لا أحد من المسلمين خير من أبي سلمة، وذلك في تقديرها.
(أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) فهو أول من هاجر إلى المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت هجرته قبل بيعة العقبة الثانية.
(أرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له) في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم أرسل عمر إليها يخطبها له صلى الله عليه وسلم، فلما اعتذرت نهرها عمر وقال: أنت التي تردين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم أرسل حاطباً بعد عمر.
(فقلت: إن لي بنتاً) فقد توفي أبو سلمة وهي حامل في بنته "زينب" فلما وضعتها وانقضت عدتها خطبت، وفي رواية: "إنني ذات عيال". ولدت بالحبشة ابنها "سلمة" وولدت بالمدينة ابنها عمر، وابنتها درة، ثم ابنتها المقصودة هنا "زينب".
(وأنا غيور) يقال: امرأة غيرى وغيور، ورجل غيور وغيران، قال النووي: وقد جاء فعول في صفات المؤنث كثيراً كقولهم: امرأة عروس وعروب وضحوك.