(ولضحكتم قليلاً) قيل: معنى القلة هنا العدم، أي لم تضحكوا لكثرة الخوف وغلبته واستيلاء الحزن عليكم.

(ألا هل بلغت؟ ) ما أمرت به من التحذير والإنذار وغير ذلك مما أرسلت به، والاستفهام للتقرير، أي أقروا بأنني بلغت.

(فاقترأ) يقال: قرأ قراءة واقترأ اقتراء بمعنى، ولذا جاء بمصدر "قرأ" فقال: "قراءة طويلة".

(حتى استكمل أربع ركعات وأربع سجدات) أي استكمل من الركوع أربعة، اثنان في كل ركعة، ومن السجود أربعة، اثنان في كل ركعة، وفي الرواية الرابعة: "أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات". أي أربع ركوعات وأربع سجدات في ركعتين وفي الرواية الثامنة "فكانت أربع ركعات وأربع سجدات" وخالفت في ذلك الرواية التاسعة، فجعلت في كل ركعة من الركعتين ثلاثة من القراءة وثلاثة من الركوع. وسيأتي تفصيل القول فيها.

(وانجلت الشمس قبل أن ينصرف) أي قبل أن ينتهي من الصلاة ويخرج منها وينصرف عنها.

(فإذا رأيتموها فافزعوا للصلاة) أي بادروا بالصلاة، وأسرعوا إليها ملتجئين بذلك إلى الله.

(فصلوا حتى يفرج الله عنكم) "حتى" غائية، أي استمروا وأطيلوا في صلاتكم إلى أن يفرج الله عنكم، أو تعليلية، أي صلوا ليفرج الله عنكم.

والظاهر الأول.

(رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدتم) أي في وقوفي للصلاة. ففي الرواية التاسعة: "ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه". أي كل شيء وعدتموه من جنة ونار. وفي الرواية الثامنة: "إنه عرض على كل شيء تولجونه". أي تدخلونه من جنة ونار فعرضت على الجنة وعرضت على النار. وفي حقيقة هذه الرواية وكيفية هذا العرض، قال القاضي عياض: قال العلماء: يحتمل أنه رآهما رؤية عين، كشف الله تعالى عنهما، وأزال الحجب بينه وبينهما، كما فرج له عن المسجد الأقصى حين وصفه، ويكون قوله صلى الله عليه وسلم -في حديث البخاري- "في عرض هذا الحائط" أي في جهته وناحيته، ويحتمل أنه تمثيل لقرب المشاهدة. قالوا: ويحتمل أن يكون رؤية علم وعرض وحي، بإطلاعه وتعريفه من أمورها تفصيلاً ما لم يعرفه قبل ذلك، ومن عظيم شأنهما ما زاده علماً بأمرهما وخشية وتحذيراً ودوام ذكر، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً". قال القاضي: والتأويل الأول أولى، وأشبه بألفاظ الحديث، لما فيه من الأمور الدالة على رؤية العين، كتناوله صلى الله عليه وسلم العنقود، وتأخره مخافة أن يصيبه لفح النار. اهـ ذكره النووي في شرح مسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015