وكانت نتيجة هذا الدوران، وهذا القانون الإلهي في الكون أن تقع الأرض بين الشمس والقمر فيصبح النصف غير المواجه للشمس مواجهاً للقمر، وتصبح الأرض حينئذ حاجبة لضوء الشمس عن القمر، فيرى أهل النصف المواجه للقمر، يرون القمر مظلماً جزئياً أو كلياً، ويقال حينئذ: خسف القمر. ونتيجة للتحرك والدوران لا يلبث أن يبتعد عن الجرم الحاجب فيعود إليه الضوء.

كما كان نتيجة هذا الدوران، وهذا القانون الإلهي في الكون أن يقع القمر بين الشمس وبين الأرض فيحجب وصول أشعة الشمس وضوئها إلى أهل جزء من الأرض، فلا يرون الشمس في النهار، أو لا يرون جزءاً منها، ويقال حينئذ: كسفت الشمس. ونتيجة للتحرك والدوران المحسوب لا يلبث الجرم الحاجب أن يبتعد، فيعود ضوء الشمس.

علم الله الإنسان حساب هذه الحركات ليعلم عدد السنين وعدد الأيام، علمه الحساب الدقيق الذي يعلم به متى يحصل كسوف الشمس أو القمر؟ من أي شهر؟ وفي أي يوم؟ وفي أية ساعة؟ بل وفي أية دقيقة سيحصل؟ ثم كم دقيقة يستمر هذا الكسوف؟

أصبح علم الفلك في زمننا علماً محسوساً محسوباً حساباً دقيقاً لا مرية فيه، وأصبحت ظاهرة الكسوف للشمس أو القمر ظاهرة يحددها الحساب تحديداً لا يتخلف، ولا خطر منها على البشر. فلم أمر الإسلام عندها بالمبادرة إلى الصلاة والذكر والدعاء؟

إن الله تعالى خلق هذه الظاهرة تذكيراً للبشر بقدرته وهيمنته وفضله ونعمه على عباده، والإنسان لا يعرف قدر النعمة إلا عند فقدها، {وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه} [الزمر: 8].

وذكر الله دعاؤه، والصلاة عند هذه الظاهرة ليس لسرعة الانجلاء، وإنما هو شكر لله على نعمة الضوء وطلب من الله دوامها، كما طلب من المسلم بعد طعامه أن يقول: اللهم أدمها نعمة واحفظها من الزوال". وإن هذه الظاهرة في نفسها تذكر بيوم القيامة وقيام الساعة فهي صورة مصغرة أو مؤقتة لما سيكون، وقد أشار جل شأنه إلى هذا بقوله: {يسأل أيان يوم القيامة فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر} [القيامة: 6 - 10].

لقد كان صلى الله عليه وسلم يهتم بهذه الظاهرة، ويخشى الله عندها، ويظهر للمسلمين فزعه خوفاً على أمته وإشفاقاً، فالظواهر الكونية قد تنقلب عقاباً وعذاباً، كما حدث لقوم عاد حين رأوا السحاب وهم جدب فقالوا: {هذا عارض ممطرنا} [الأحقاف: 24]، فكان عذاباً، كان ريحاً فيها عذاب أليم، وإن الذي خلق الظاهرة قادر على استمرارها وإذهاب النعمة منها.

لقد كان صلى الله عليه وسلم ينزعج لدرجة العجلة والاهتمام الذي يجعله يأخذ ثوب امرأته بدلاً من ثوبه ويلتحف به ويخرج حتى يدركوه بثوبه.

كان يخرج فينادي مؤذنه لينادي المسلمين: الصلاة جامعة. فيجتمعون في المسجد، حتى النساء والصبيان، يصلي بهم صلاة خاصة. صلاة طويلة يقرأ في القيام الأول ما يقرب أو ما يزيد عن قدر سورة البقرة بعد الفاتحة، ثم يركع ركوعاً طويلاً يقرب من زمن الوقوف، ثم يرفع من الركوع فيقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015