حاجة الناس وشدتهم حتى دخل عليه المسجد أعرابي، وهو صلى الله عليه وسلم يخطب الجمعة فقال: يا رسول الله، هلكت المواشي من العطش وانقطاع المرعى هلك العيال، وهلكت الناس من ضعف الأقوات بحبس المطر، وانقطعت الطرق لعدم سفر التجار بالأقوات. انقطع المطر، وجف الشجر، فاستسق لنا ربك، ادع الله أن يسقينا. فرفع الرسول صلى الله عليه وسلم يديه ورفع المسلمون أيديهم، قال: اللهم اسقنا. وقال المسلمون: آمين. وقال: اللهم اسقنا. وقال المسلمون: آمين.

وكانت السماء صافية، لا يحجبها عن الرؤية بيت أو جبل أو شجر، لا يرى الناس فيها سحابة صغيرة، فما أتم رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاءه حتى تجمعت السحب وثار السحاب كأمثال الجبال، وهطلت الأمطار كأفواه القرب، حتى صعب على المصلين أن يخرجوا من المسجد ليصلوا إلى بيوتهم، وظلت تمطر أسبوعاً حتى خشي على البيوت، فلما كانت الجمعة الأخرى دخل الرجل نفسه المسجد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقال: يا رسول الله، كثرة المطر أضربنا، فلم تستطع المواشي أن ترعى، ولم يستطع التجار التنقل بالأقوات. فادع لنا الله أن يمسك المطر، فرفع الرسول صلى الله عليه وسلم يديه وقال: اللهم اجعل المطر حوالينا بعيداً عن البيوت، اجعله على الجبال وقيعان الوديان التي تمسكه ليشرب الناس منه عند الحاجة، فأمسكت السماء عن المدينة، وظلت تمطر على الروابي. ومرة أخرى قحط الناس، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين إلى المصلى بالصحراء فرفع يديه بالدعاء، وصلى ركعتين للاستسقاء ثم خطب الناس، وأمرهم بالتوبة والتقوى وكثرة التضرع لله والدعاء، وهكذا شرعت صلاة الاستسقاء، وضرب صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في خشية الله والخوف من العقاب فكان ينزعج للسحاب حتى يمطر، فقد عذب به قوم من البشر، وينزعج للريح والعواصف فقد هلك بها قوم من البشر، فصلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

-[المباحث العربية]-

(عبد الله بن زيد المازني) وفي الرواية الثالثة "الأنصاري" قال الحافظ ابن حجر: راوي حديث الاستسقاء عبد الله بن زيد بن عاصم المازني الأنصاري الخزرجي، وراوي حديث الأذان عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري الخزرجي، وقد اتفقا في الاسم واسم الأب والنسبة إلى الأنصار، ثم إلى الخزرج والصحبة والرواية، وافترقا في الجد.

(فاستسقى) السين والتاء للطلب، أي طلب السقيا، والسقيا بضم السين الاسم من السقى. قال الحافظ: والاستسقاء لغة. طلب سقي الماء من الغير، للنفس أو للغير، وشرعاً: طلبه من الله عند حصول الجدب على وجه مخصوص.

(وحول رداءه) كان بعض لباس العرب من قطعتين. إزار يلف حول الوسط فيستر من السرة أو ما فوقها بقليل إلى ما يقرب من القدم، ورداء وهو ما يستر النصف الأعلى.

وذكر الواقدي: أن طول ردائه صلى الله عليه وسلم كان ستة أذرع في ثلاثة أذرع، وطول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015