(دونكم يا بني أرفدة) بفتح الهمزة وسكون الراء، وفتح الفاء وكسرها والكسر أشهر، لقب للحبشة. وقيل: اسم لجدهم الأكبر. و"دونكم" من ألفاظ الإغراء، والمغرى به محذوف، وتقديره: دونكم هذا اللعب، أي الزموه. وشأن "دونك" أن تقدم على المغرى به، كما قدرنا، وقد جاء تأخيرها عليه شاذاً في قول الشاعر:
أيها الماتح دلوى دونكا ... إني رأيت الناس يحمدونكا
والماتح بالتاء هو الرجل الذي ينزل إلى قرار البئر إذا قل ماؤها فيملأ الدلو بيده؟
(حتى إذا مللت قال: حسبك؟ ) أي يكفيك؟ وهو استفهام، والخبر محذوف، أي هل يكفيك هذا القدر؟ بدليل قولها: "قلت: نعم". و"مللت" بكسر اللام الأولى من الملل، وهو السآمة، وفي رواية: "حتى أكون أنا الذي أسأم". وفي معناها روايتنا الخامسة: "حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم".
(جاء حبش يزفنون) بفتح الياء وسكون الزاي وكسر الفاء، بعدها نون، أي يرقصون وهو محمول على وثبهم بسلاحهم، ولعبهم بحرابهم، متمايلين كما يفعل الراقص. يقال: زفن يزفن من باب ضرب، أي رقص.
(أنها قالت للعابين) اللام الأولى لام الجر، والثانية مفتوحة مخففة والعين مشددة مفتوحة، صيغة مبالغة في اللعب، والمعنى أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأجل جماعة كثيري اللعب، أي من أجلهم وبخصوصهم.
(قال عطاء: فرس أو حبش؟ ) أصل السند: "عن عطاء قال: أخبرني عبيد بن عمير". فكأن عطاء شك فيما سمع، هل سمع أنهم من الفرس أو من الحبشة. أما ابن عتيق فجزم بأنهم حبش. قال العلماء: هو الصواب.
(فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها) "الحصباء" الحصى الصغير، "ويحصبهم" بكسر الصاد، أي يرميهم بها.
-[فقه الحديث]-
المسألة الأساسية المستحقة للبحث الهادئ العميق مسألة الغناء، ويحسن بنا أن نعرض أقوال السلف من العلماء، ثم نعرض ما يفتح الله به.
قال النووي في شرحه للحديث: واختلف العلماء في الغناء، فأباحه جماعة من أهل الحجاز: وهي رواية عن مالك، وحرمه أبو حنيفة وأهل العراق، ومذهب الشافعي كراهته، وهو المشهور من مذهب مالك، واحتج المجوزون بهذا الحديث، وأجاب الآخرون بأن هذا