الجاريتين، وهذا معنى قولها في الرواية الرابعة: "فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم" وفي رواية في الصحيح: "فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه". وفي رواية: "فكشف رأسه".

(يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة) في الرواية الرابعة: "فأقامني وراءه، خدي على خده". وفي الرواية الخامسة: "فوضعت رأسي على منكبه". وفي الرواية السادسة: "وقمت على الباب بين أذنيه وعاتقه". وفي رواية: "فوضعت ذقني على عاتقه وأسندت وجهي إلى خده". وفي رواية: "أنظر بين أذنيه وعاتقه". وكل هذه الروايات تعطى صورة واحدة متكاملة، وهي أنها وقفت خلفه على باب حجرتها المطل على المسجد، مستترة به وبردائه، فوضعت رأسها على منكبه، ذقنها على العاتق، ووجهها ملتصق بوجهه صلى الله عليه وسلم وخدها على خده. "والحبشة" الرجال المنتسبون إلى البلاد المعروفة، ويطلق عليهم "السودان" كما جاء في الرواية الرابعة.

(وهم يلعبون) في الرواية الثالثة: "يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم". والحراب بكسر الحاء جمع حربة، وهي معروفة، "والدرق" بفتح الدال والراء جمع درقة، وهي الترس الذي يتخذ من الجلود.

(وأنا جارية) أي صغيرة السن دون البلوغ، فقد دخل بها صلى الله عليه وسلم وهي بنت تسع سنين، وتوفي عنها وهي بنت ثمان عشرة سنة على الصحيح، وذكرت ذلك اعتذاراً عن حبها للهو.

(فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن) "فاقدروا" بضم الدال وكسرها. لغتان من التقدير، والفاء جواب شرط مقدر، أي حيث قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عذري ورغبتي فقدروا عذر أمثالي. "والعربة" بفتح العين وكسر الراء أي المشتهية للعب المحبة له.

(حريصة على اللهو) منصوب على الحال.

(وكان يوم عيد يلعب السودان ... ) هذا حديث آخر، ذكره بعض الرواة مستقلاً، وجمعه مع حديثنا بعض الرواة. وقد جاء في رواية: "وقالت عائشة: كان يوم عيد، إلخ".

(فإما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما قال: تشتهين تنظرين) قال الحافظ ابن حجر: هذا تردد منها فيما كان وقع له، هل كان أذن لها في ذلك ابتداء منه؟ أو عن سؤال منها؟ وهذا بناء على أن "سألت" بسكون اللام على أنه من كلامها، ويحتمل أن يكون بفتح اللام، فيكون من كلام الراوي. قال: وقد اختلفت الروايات عنها في ذلك، ففي رواية النسائي: "سمعت لغطاً وصوت صبيان، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا حبشة تزفن -أي ترقص- والصبيان حولها، فقال: يا عائشة. تعالي فانظري". ففي هذا أنه ابتدأها، وفي رواية مسلم -روايتنا السادسة-: "أنها قالت: وددت أني أراهم". ففي هذا أنها سألت، ويجمع بينهما بأنها التمست منه ذلك فأذن لها. اهـ.

و"أن" المصدرية مقدرة قبل فعل "تنظرين" وكذا همزة الاستفهام قبل فعل "تشتهين" والتقدير: أتشتهين النظر؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015