والذي تستريح إليه النفس، أن خروج النساء للعيد مستحب في حد ذاته لهذه الأحاديث الصحيحة، فإن لم تؤمن الفتنة وخشيت المفسدة من الخروج على المرأة أو منها منع، ولو للعجائز وذوات الهيئات غير الحسنة، فلكل ساقطة في الحي لاقطة، والقاعدة المعتمدة أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فحكم خروج النساء للعيد ونحوه يختلف باختلاف الظروف والأحوال والآثار المترتبة عليه، والاحتياط منعه في هذه الأزمان، والله أعلم.
السادسة: التكبير يوم العيد، والرواية الحادية عشرة صريحة في مشروعية التكبير، ولفظها: "الحيض يخرجن، فيكن خلف الناس يكبرن مع الناس". قال النووي: فيه دليل على استحباب التكبير لكل أحد في العيدين، وهو مجمع عليه. اهـ.
والخلاف بين الفقهاء في أوقاته وكيفيته، وله مواطن:
الموطن الأول: في عيد الفطر، من مغرب ليلة العيد إلى الخروج لصلاة العيد، والشافعية على استحبابه.
الموطن الثاني: إذا خرج من بيته إلى الصلاة حتى يبلغ المصلى أو حتى يجلس الإمام، استحبه جماعة من الصحابة والسلف، فكانوا يكبرون إذا خرجوا حتى يبلغوا المصلى، فيرفعون أصواتهم. وقد روي أن ابن عمر كان يغدو إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس فيكبر حتى يأتي المصلى يوم العيد، ثم يكبر بالمصلى، حتى إذا جلس الإمام ترك التكبير، وكان يرفع صوته حتى يبلغ الإمام. رواه الدارقطني. وهو مستحب عند مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: يكبر في الخروج للأضحى دون الفطر، وخالفه أصحابه فقالوا بقول الجمهور. قال بعضهم: والقياس أن يكبر في العيدين جميعاً لأن صلاتي العيدين لا تختلفان في التكبير فيهما، والخطبة بعدهما، وسائر سننهما، فكذلك التكبير في الخروج إليهما.
الموطن الثالث: التكبير قبل قراءة الفاتحة في صلاته في العيدين، وهو مستحب عند الفقهاء، لكنه سبع في الأولى غير تكبيرة الإحرام، وخمس في الثانية غير تكبيرة القيام عند الشافعية، ووافقهم مالك وأحمد في الثانية، وقالوا: سبع في الأولى إحداهن تكبيرة الإحرام. وقال أبو حنيفة: خمس في الأولى بتكبيرة الإحرام، وأربع في الثانية بتكبيرة القيام.
وجمهور العلماء يرى أن هذه التكبيرات متوالية متصلة. وقال عطاء والشافعي وأحمد: يستحب بين كل تكبيرتين ذكر الله تعالى.
الموطن الرابع: التكبير في افتتاح الخطبة، ويستحب في افتتاح الأولى تسع تكبيرات متواليات، وفي افتتاح الثانية سبع تكبيرات متواليات، ويكثر في خطبتي العيد من التكبير.
أما تكبير الناس بتكبير الإمام في الخطبة فمالك يراه، وغيره يأباه.
الموطن الخامس: التكبير في عيد الأضحى، وللعلماء فيمن يستحب له اختلاف كبير، فمنهم من قصره على أعقاب الصلوات المكتوبات وغير المكتوبات، ومنهم من قصره على أعقاب المكتوبات،