وقال أبو حنيفة: إذا خرج وقت الظهر وهم في صلاة الجمعة بطلت ويستأنفونها ظهراً.
وقال أحمد: إن كان صلى منها ركعة أتمها جمعة، وإن كان أقل أتمها ظهراً. وقال بعض أصحابه: إن تحقق خروج الوقت قبل التحريمة صلى ظهراً، وإن لم يتحقق خروجه قبل التحريمة صلى جمعة، لأنها تدرك بالتحريمة كسائر الصلوات.
هذا وقد أجمعت الأمة أن الجمعة لا تقضي على صورتها جمعة، ولكن من فاتته لزمه الظهر.
أما ما يقرأ في صلاة الجمعة من السور بعد الفاتحة فإن السنة أن يقرأ في الركعة الأولى بسورة الجمعة وفي الركعة الثانية بسورة المنافقون -كما جاء في روايتنا الثانية والثلاثين- وهو رأي جمهور الشافعية، قال النووي: قال العلماء: والحكمة في قراءة سورة الجمعة اشتمالها على وجوب الجمعة وغير ذلك من أحكامها وغير ذلك مما فيها من القواعد، والحث على التوكل والذكر وغير ذلك، وقراءة سورة المنافقون لتوبيخ حاضريها منهم وتنبيههم على التوبة وغير ذلك مما فيها من القواعد، لأنهم ما كانوا يجتمعون في مجلس أكثر من اجتماعهم فيها. اهـ. أو بسورة الجمعة في الركعة الأولى وسورة هل أتاك حديث الغاشية في الركعة الثانية كما جاء في ملحق روايتنا الثالثة والثلاثين، وبه أخذ المالكية.
وقال أبو حنيفة: لا مزية لهاتين السورتين، ولا لغيرهما، والسور كلها سواء في هذا. والله أعلم.
هذا. والجمعة ركعتان، تمام غير قصر، والسنة أن يجهر فيهما بالقراءة خلافاً للظهر.
أما الروايات السابعة والثلاثون وما بعدها فتتحدث عن راتبة الجمعة البعدية.
قال النووي: في هذه الأحاديث استحباب سنة الجمعة بعدها، والحث عليها، وأن أقلها ركعتان وأكملها أربع، فنبه صلى الله عليه وسلم بقوله: "إذا صلى أحدكم بعد الجمعة فليصل بعدها أربعاً". على الحث عليها، فأتى بصيغة الأمر، ونبه بقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان منكم مصلياً" على أنها سنة ليست واجبة، وذكر الأربع لفضيلتها، وفعل الركعتين في بعض الأوقات لبيان الجواز، لأن أقلها ركعتان، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي في أكثر الأوقات أربعاً، لأنه أمرنا بهن وحثنا عليهن، وهو أرغب في الخير وأحرص عليه وأولى به. اهـ.
-[ويؤخذ من هذه الأحاديث: ]-
1 - يؤخذ من الروايات القيام في الخطبة، وقد سبق تفصيل القول فيه.
2 - وأن للجمعة خطبتين.
3 - وأنه يجلس بينهما.
4 - وفي قوله في الرواية السابعة: "يقرأ القرآن ويذكر الناس". دليل للشافعية في ضرورة القراءة والأمر بالتقوى.
5 - ومن الرواية التاسعة والعاشرة والحادية عشرة أخذ بعض الشافعية أن استمرار الجماعة -الذين