(فناداه) أي قال له: يا فلان.
(أية ساعة هذه؟ ) "أية" بتشديد الياء، تأنيث أي، يستفهم بها، والتأنيث وعدمه جائزان، قال تعالى: {وما تدري نفس بأي أرض تموت} [لقمان: 34]. والساعة اسم لجزء من اليوم مقدر، وتطلق على الوقت الحاضر، وهو المراد هنا، وهذا الاستفهام توبيخ وإنكار، وكأنه يقول: لم تأخرت إلى هذه الساعة؟ وقد ورد التصريح بالإنكار في رواية لأبي هريرة ولفظها: "فقال عمر: لم تحبسون عن الصلاة"؟ . وفي روايتنا الرابعة: "فعرض به عمر فقال: ما بال رجال يتأخرون عن النداء"؟ . قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أن عمر قال ذلك كله، فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ الآخر، ومراد عمر رضي الله عنه التلميح إلى ساعات التبكير التي وقع الترغيب فيها.
(إني شغلت اليوم) "شغلت" بالبناء للمجهول، وقد بين جهة شغله في بعض الروايات، إذ جاء فيها "انقلبت من السوق فسمعت النداء".
(حتى سمعت النداء) قال النووي: بكسر النون وضمها والكسر أشهر. اهـ والمراد الأذان بين يدي الخطيب.
(فلم أزد على أن توضأت) أي لم أشتغل بشيء بعد أن سمعت النداء إلا بالوضوء.
(والوضوء أيضاً) الواو عاطفة على محذوف، و"الوضوء" بالنصب مفعول لفعل محذوف، والتقدير: أشغلت عن الوقت وتأخرت، وتوضأت الوضوء فقط ولم تغتسل؟ أي ما اكتفيت بتأخير الوقت وتفويت الفضيلة حتى تركت الغسل واقتصرت على الوضوء؟ وجوز القرطبي رفع "الوضوء" على أنه مبتدأ والخبر محذوف، أي والوضوء أيضاً يقتصر عليه؟ و"أيضاً" منصوب على المصدر من آض يئيض إذا رجع وعاد.
قال الحافظ ابن حجر: ولم أقف في شيء من الروايات على جواب عثمان عن ذلك، والظاهر أنه سكت عنه اكتفاء بالاعتذار الأول، لأنه قد أشار إلى أنه كان ذاهلاً عن الوقت، وأنه بادر عند سماع النداء، وإنما ترك الغسل لأنه تعارض عنده إدراك سماع الخطبة والاشتغال بالغسل، وكل منهما مرغب فيه، فآثر سماع الخطبة. اهـ.
(واجب على كل محتلم) المراد بالمحتلم البالغ، وفي المراد بواجب توجيهات تأتي في فقه الحديث.
(كان الناس ينتابون الجمعة) أي يحضرونها نوباً، والانتياب افتعال من النوبة. وفي القاموس: وانتابهم انتياباً: أتاهم مرة بعد أخرى. أي يحضرون الجمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من منازلهم البعيدة مرة بعد أخرى.
(من منازلهم من العوالي) العوالي القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها،