(أ) أما الفرائض المؤداة فتتصور في الظهر عند الزوال، وفي الصبح يبدؤها قبل الشروق فتطلع عليه الشمس أثناءها.
قال النووي: واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة في أوقات النهي. اهـ. والنووي بذلك يهمل قول من قال بمنع الصلاة مطلقاً في هذه الأوقات. قال الحافظ ابن حجر: وصح عن أبي بكرة وكعب بن عجرة المنع من صلاة الفرض في هذه الأوقات. اهـ.
والحق أن هذا الرأي لا يعتد به، ففي الحديث: "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فليصل إليها أخرى".
(ب) وأما قضاء الفرائض الفوائت في أوقات النهي فهو جائز عند الشافعية والمالكية والحنابلة على الإطلاق، وأما أبو حنيفة فقد منع الفوائت عند طلوع الشمس، وقال: إن طلعت الشمس وقد صلى ركعة فسدت، وأجاز عصر يومه مع الغروب بحجة صحة وجواز الصلاة بعد الغروب، ومنع باقي المقضيات في أوقات النهي. وقال: لا تصلى مقضية في وقت منع سوى عصر يومه. دليل الجمهور ما ثبت من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى سنة الظهر بعد العصر [روايتنا الثانية عشرة والثالثة عشرة] فهو صريح في قضاء السنة الفائتة، فالحاضرة أولى، والفريضة المقضية أولى. وأبو حنيفة يحمل هاتين الروايتين على الخصوصية، ويرد عليه بأنها خلاف الأصل.
(جـ) وأما الرواتب الفائتة فيمنعها المالكية مع الحنفية، ويجيز الشافعية صلاتها في أوقات النهي على القول بأنه يسن قضاء الراتبة.
(د) وأما النوافل ذات السبب السابق عليها فهي كتحية المسجد وسجود التلاوة والشكر وصلاة العيد والكسوف والجنازة والمنذورة. ويجيزها الشافعية بلا كراهة في أوقات النهي، إلحاقاً لها بقضاء الراتبة. قالوا: وتقضي نافلة اتخذها ورداً. قالوا: ولو توضأ في هذه الأوقات فله أن يصلي ركعتي الوضوء. كما قالوا عن تحية المسجد: إن دخل المسجد لغرض كاعتكاف أو لطلب علم أو انتظار صلاة أو نحو ذلك من الأغراض صلى تحية المسجد، أما إن دخله لا لحاجة بل ليصلي التحية فقط فالأرجح الكراهة في هذه الأوقات.
ومنع الحنفية كل ذلك، لكن قال ابن المنذر: وأجمع المسلمون على إباحة صلاة الجنازة بعد الصبح والعصر، ونقل العبودي عن أبي حنيفة وأحمد أن صلاة الجنازة منهي عنها عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند استوائها، ولا تكره في الوقتين الآخرين.
(هـ) وأما النوافل ذات السبب المتأخر فمثلوا لها بصلاة الاستخارة وصلاة سنة الإحرام للحج، وفيها خلاف عند الشافعية، والأصح عندهم الكراهة.
(و) أما النوافل المطلقة فهي منهي عنها عند الجميع، اللهم إلا ما روي عن داود الظاهري أنه أباح الصلاة لسبب وبلا سبب في جميع الأوقات، وما قيل من أن المنع مرتبط بالتحري والقصد لا بالأوقات.