الشمس بكماله [ودليل الصحيح روايتنا الثامنة والتاسعة، وفيهما: "حتى ترتفع". ودليل الآخرين رواياتنا الأولى والثانية والثالثة، وفيها: "حتى تطلع الشمس" وقد سبق في المباحث العربية حمل المطلق على المقيد] ثم قال: ولا خلاف أن وقت الكراهة بعد العصر لا يدخل بمجرد دخول العصر، بل لا يدخل حتى يصليها، وأما في الصبح فثلاثة أوجه، والصحيح لا يدخل حتى يصلي فريضة الصبح. والثاني يدخل بصلاة سنة الصبح. والثالث بطلوع الفجر. وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وأكثر العلماء، ويستدل له بما رواه البخاري ومسلم عن حفصة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم" إذا طلع الفجر لم يصل إلا ركعتين خفيفتين". اهـ.
وفي علة النهي تقول الرواية التاسعة: " فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار". وكذلك في الغروب، أما في الاستواء فتقول الرواية: "فإن حينئذ تسجر جهنم". قال الحافظ ابن حجر عن الطلوع والغروب: فالنهي حينئذ لترك مشابهة الكفار، وقد اعتبر ذلك الشرع في أشياء كثيرة. ثم قال: وفي هذا تعقب على أبي محمد البغوي حيث قال: إن النهي عن ذلك لا يدرك معناه، وجعله من قبيل التعبد الذي يجب الإيمان به. اهـ.
وإني لأميل إلى رأي البغوي، وأما ما ذكر في الرواية التاسعة إنما هو للتنفير لا للعلة، وإلا فأين المشابهة في الاستواء؟ وقد روي عن مسروق أنه كان يصلي نصف النهار، فقيل له: إن الصلاة في هذه الساعة تكره. فقال: ولم؟ قالوا: إن أبواب جهنم تفتح نصف النهار، فقال: الصلاة أحق ما أستعيذ به من جهنم حين تفتح أبوابها.
وهل المقصود من النهي حرمة الصلاة في هذه الأوقات؟ أو كراهتها كراهة تحريم؟ أو كراهة تنزيه؟
قال الحافظ ابن حجر: فرق بعضهم في الحكم بين الصلاة بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر، فقال بأنها مكروهة، وبين الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، فقال بأنها تحرم. وقال النووي في المجموع: قطع جماعة بأنها كراهة تنزيه. والأصح أنها كراهة تحريم لثبوت الأحاديث في النهي، وأصل النهي للتحريم. ثم ساق خلافاً آخر في انعقاد الصلاة حينئذ وعدم انعقادها واختار عدم انعقادها، والله أعلم.
2 - وأما عن نوع الصلاة المنهي عنها في هذه الأوقات وآراء العلماء وأدلتهم فيمكن تقسيم الصلوات إلى:
أ- فرائض حاضرة ومؤداة.
ب- وفرائض فائتة تقضى.
جـ- ورواتب فائتة.
د- ونوافل لها سبب سابق.
هـ- ونوافل لها سبب متأخر.
و- ونوافل مطلقة.