والحسد بشقيه حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصحيحة، حتى ولو كان المحسود لا يستحق النعمة في نظر الحاسد، فإن المعطي عليم حكيم.
والغبطة بشقيها مشروعة، وتستحب في أمور الطاعة، وقد أوضحت رواية البخاري أن المراد بالحسد الغبطة، إذ فيها: "فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل ... ". الحديث.
-[ويؤخذ من الروايات الثلاث الأول: ]-
1 - فضل قراءة القرآن وتدبره.
2 - وفضل العمل به.
3 - وفضل تعليمه وتحفيظه وتفسيره وتدريسه.
4 - وأن ذلك أفضل من إنفاق الأموال كلها في سبيل الله، إذ ذكر أولاً وسابقًا على الإنفاق.
5 - جواز الغبطة ومشروعيتها في أعمال الخير، وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بباب اغتباط صاحب القرآن. أي اغتباط الناس بصاحب القرآن، ووجه الحافظ ابن حجر بأنه إذا كان الحديث يرمي إلى أن غير صاحب القرآن يغتبط صاحب القرآن بما أعطيه من العمل بالقرآن فاغتباط صاحب القرآن بعمل نفسه أولى. اهـ. فالمعنى اغتباط صاحب القرآن بالقرآن.
والحق أن الاغتباط كما في القاموس: تبجح صاحب النعمة بالحال الحسنة فهو سرور صاحب النعمة بها. أما الغبط فهو تمني مثل النعمة، فحق العنوان: غبط صاحب القرآن، ليتفق مع مدلول الحديث.
6 - ومن الرواية الرابعة يؤخذ مدى اهتمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالرعية ومتابعة حكامه وعماله.
7 - وفيها اعتبار النسب في الولاية.
8 - وأن العلم والقرآن يجبران نقص النسب. كذلك قال الأبي. ولو أنه قال: إن العلم والقرآن يرفعان من وضعه نسبه لكان أفضل، فقد لا يصل الرفع إلى تمام الجبر والمساواة، وخصوصًا إذا كان النسب على شيء من العلم والقرآن، ومن هنا كان اعتراض عمر على استخلاف المولى واستعماله على سادة قريش وأشراف ثقيف، وقد روي أن عمر عزل نافع بن الحارث بسبب استخلافه مولاه، ولم يقره على فعله، كما هو واضح من الحديث مع أن عمر نفسه هو الراوي لحديث رفع العلم والقرآن لأهله، فقول الأبي بعد ذلك: المعنى أن هذا الأمير رفعه الله عز وجل على هؤلاء المؤمر عليهم. قوله هذا يتنافى مع إنكار عمر، لكنه رضي الله عنه تواضع لقولة نافع ولم يصادمها ويردها في حينها لأن ظاهرها متفق مع ما رواه.
واللَّه أعلم