إن الصلاة بما لها من شروط قد يضيق بها المسافر، وتؤدي إلى مضاعفة مشقة السفر. فإيقاف الرحلة، واختيار مكان النزول والوضوء وطهارة المكان، كل ذلك قد يشق على المسافر، بالإضافة إلى انشغاله بالإجهاد في السير، وحرصه على قطع الطريق وسرعة الوصول مما يؤثر في خشوعه المطلوب.

لهذا شرع اللَّه في هذه الأحاديث جمع الظهر مع العصر في وقت أيهما شاء وجمع المغرب والعشاء في وقت أيهما شاء، رفعًا للحرج عن الأمة. وكان هذا التشريع عن طريق فعله صلى اللَّه عليه وسلم في سفره، فكان إذا غادر المدينة بعد الزوال صلى الظهر، وإذا غادرها قبل الزوال جمع بين الظهر والعصر واقتدى به الصحابة، وأعلنوا لأصحابهم حكم اللَّه، فجزاهم اللَّه خير الجزاء.

-[المباحث العربية]-

(إذا عجل عليه السفر) هكذا هو في الأصول، في الرواية السابعة "عجل عليه" قال النووي: وهو بمعنى "عجل به" في الروايات الأخر، اهـ. والمقصود من "عجل به السير" بفتح العين وكسر الجيم أي دعاه السير أو السفر إلى العجلة، والمعنى نفسه في رواية "أعجله السير"، وفي الرواية الثانية والثالثة "إذا جد به السير" أي أسرع، ونسبة الإسراع إلى السير على التوسع في الإسناد.

(إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس) أي قبل أن تميل الشمس عن كبد السماء، أي قبل الزوال.

(أراد أن لا يحرج أحدًا من أمته) وفي الرواية الثالثة عشرة "كي لا يحرج أمته". "أراد أن لا يحرج أمته" أي أن لا يشق عليهم بإفراد كل صلاة في وقتها الأصلي.

(لم فعل ذلك)؟ "ما أراد إلى ذلك"؟ أي ماذا أراد بوصوله إلى ذلك الجمع؟

(سبعًا وثمانيًا الظهر والعصر والمغرب والعشاء) في الكلام لف ونشر مشوش، ولو رتب لقال: "ثمانيًا وسبعًا".

(لا يفتر ولا ينثني) "لا يفتر" بفتح الياء وسكون الفاء وضم التاء، أي لا يهدأ، "ولا ينثني" أي لا يرجع عن ترديد قوله.

(الصلاة الصلاة) وهو منصوب على الإغراء، أي الزموا الصلاة.

(لا أم لك) ولا أب لك - كلمة تذكرها العرب ولا تقصد نفي الأم أو الأب حقيقة، بل تستعملهما للحث على شيء، وحقيقتهما أن الإنسان في الشدة يحتاج أمه وأباه يساعدانه على الخروج من شدته، فإذا قيل له: لا أم لك أو لا أب لك فمعناه اعتمد على نفسك وشمر عن ساعدك واخرج من مأزقك فلا أحد يعاونك، وكثيرًا ما تستعملهما للتعجب من فعل أو قول من قيلت له أي بلغت من البراعة مبلغًا كبيرًا بحيث لا تلد امرأة مثلك، أو لا يستطيع أن ينجبك أب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015