-[ثامنًا: ويؤخذ من أحاديث الباب غير ما تقدم]-
1 - يؤخذ من قوله في الرواية الرابعة: "صدقة تصدق الله بها عليكم" جواز قول: تصدق الله علينا واللهم تصدق علينا، وقد كرهه بعض السلف وهو غلط ظاهر قاله النووي.
2 - ويؤخذ من سؤال عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الرواية الرابعة أن المفضول إذا رأى الفاضل يعمل شيئاً يشكل عليه يسأله عنه.
3 - استدل بعض السلف بالرواية الخامسة والسادسة من قوله: "وفي الخوف ركعة" أن صلاة الخوف ركعة عملاً بظاهر الحديث، وقال الشافعي ومالك والجمهور: إن صلاة الخوف كصلاة الأمن في عدد الركعات، فإن كانت في الحضر وجب أربع ركعات، وإن كانت في السفر وجب ركعتان ولا يجوز الاقتصار على واحدة في حال من الأحوال، وتأولوا حديث ابن عباس هذا على أن المراد ركعة مع الإمام وركعة أخرى يأتي بها منفرداً. كما جاءت الأحاديث الصحيحة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الخوف، وهذا التأويل لا بد منه للجمع بين الأدلة. ذكره النووي.
4 - يؤخذ من استرجاع ابن مسعود ومن قوله: "فليت حظي ركعتان متقبلتان" في الرواية الثامنة عشرة أن مذهبه جواز القصر والإتمام مع تفضيل القصر، وليس كمذهب الحنفية، إذ لو كان القصر عنده واجباً لما استجاز تركه وراء أحد، وقد ثبت أنه صلى وراء عثمان رضي الله عنه متماً وعلل ذلك بأنه يكره الخلاف.
5 - يؤخذ من إنكار ابن عمر على المتنفلين في السفر وقوله في الرواية الثامنة: لو كنت مسبحاً أتممت صلاتي إلخ، عدم استحباب الراتبة في السفر.
قال النووي: معنى كلام ابن عمر لو اخترت التنفل لكان إتمام فريضتي أربعاً أحب إلي، ولكني لا أرى واحداً منهما، بل السنة القصر وترك التنفل، مراده النافلة الراتبة مع الفرائض، كسنة الظهر والعصر، وأما النوافل المطلقة فقد كان ابن عمر يفعلها في السفر، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعلها، وقد اتفق العلماء على استحباب النوافل المطلقة في السفر واختلفوا في استحباب النوافل الراتبة، فكرهها ابن عمر وآخرون، واستحبها الشافعي وأصحابه والجمهور، ودليله الأحاديث المطلقة في ندب الرواتب، وحديث "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحى يوم الفتح بمكة وركعتي الصبح حين ناموا حتى طلعت الشمس، وأحاديث أخرى، وقياساً على النوافل المطلقة. قالوا: ولعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر؛ أو لعله تركها في بعض الأوقات تنبيهاً على جواز تركها، وأما ما يحتج به القائلون بتركها من أنها لو شرعت لكان إتمام الفريضة أولى فجوابه أن الفريضة متحتمة، فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها. وأما النافلة فالمكلف فيها مخير، فالرفق أن تكون مشروعة ويتخير إن شاء فعلها وحصل ثوابها، وإن شاء تركها ولا شيء عليه. اهـ
والله أعلم