(قالت: وما رسول الله)؟ في رواية "قالت: الذي يقال له الصابئ؟ قالا: هو الذي تعنين. فانطلقي"، فتخلصا أحسن تخلص، إذ لو قالا: لا. فات المقصود، ولو قالا: نعم. لم يحسن منهما.
(فلم نملكها من أمرها شيئًا) أي لم نملكها من المضي في طريقها.
(وأخبرته أنها موتمة) بضم الميم وكسر التاء، أي ذات أيتام.
(فأمر براويتها فأنيخت) الراوية عند العرب هي الجمل الذي يحمل الماء قال النووي: وأهل العرف قد يستعملونه في المزادة استعارة، والأصل البعير وهو المراد هنا.
(فمج في العزلاوين العلياوين ثم بعث براويتها) المج زرق الماء بالفم، والعلاء بالمد هي المشعب الأسفل للمزادة الذي يفرغ منه الماء ويطلق أيضًا على فمها العلي، وهو المقصود هنا لقوله "العلياوين" وفي رواية البخاري "فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء، ففرغ فيه من أفواه المزادتين، وأوكأ [أي ربط] أفواههما، وأطلق العزالي" وفي رواية الطبراني والبيهقي "فتمضمض في الماء، وأعاده في أفواه المزادتين" وحاصل الصورة أنه صلى الله عليه وسلم أفرغ من أفواه المزادتين العلوية بعض الماء، ومج فيه وأعاده من حيث أخذه، وربط الأفواه التي فتحها، ثم بعث الجمل فقام واقفًا، ثم فتح وفك رباط المزادتين من أسفل، مع الإمساك والضغط على فتحة كل مزادة ليؤخذ منها. ثم تقبض وتمسك، ونادى في الناس اسقوا واستقوا.
(وغسلنا صاحبنا) يعني الجنب، و"غسلنا" بتشديد السين، أي أعطيناه ما يغتسل به، وفي رواية البخاري: "وكان آخر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء، قال: اذهب فأفرغه عليك".
(وهي تكاد تنضرج من الماء - يعني المزادتين) "تنضرج" بفتح التاء وسكون النون وفتح الضاد. آخره جيم، أي تنشق، وضمير "هي تكاد" للمزادتين، والمعنى أخذ من المزادتين ما أخذ من الماء وهي مازالت منتفخة أكثر مما كانت عليه حتى إنها تكاد تنشق من امتلائها، وفي رواية البخاري "وايم الله لقد أقلع عنها وإنه ليخيل إلينا أنها أشد ملأة منها حين ابتدأ فيها".
(هاتوا ما كان عندكم) أي من زاد، تكريمًا للمرأة ومساعدة لها على أيتامها، ومكافأة لها على مائها.
(فجمعنا لها من كسر وتمر) "كسر" بكسر الكاف وفتح السين جمع كسرة، وفي رواية البخاري "فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجمعوا. فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة حتى جمعوا لها طعامًا، فجعلوها في ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها".
(واعلمي أنا لم نرزأ من مائك) "نرزأ" هو بنون مفتوحة وزاي مفتوحة بينهما راء ساكنة ثم همزة، أي لم ننقص من مائك شيئًا، قال الحافظ ابن حجر: وظاهره أن جميع ما أخذوه من الماء