عند النازلة، والمشهور عند الحنابلة إذا نزل بالمسلمين نازلة يقنت الإمام ويؤمن من خلفه ولا يقنت آحاد الناس، وذلك في صلاة الصبح فقط، وبهذا قال أبو حنيفة والثوري. وقال عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه: كل شيء يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت إنما هو في الفجر، ولا يقنت في الصلاة إلا في الوتر والغداة إذا كان مستنصرًا يدعو للمسلمين. وقال أبو الخطاب: يقنت في الفجر والمغرب، لأنهما صلاتا جهر في طرفي النهار، وقد روى البخاري عن أنس قال: كان القنوت في المغرب والفجر. وقيل: يقنت في صلاة الجهر كلها قياسًا على الفجر. اهـ. ذكره في المغني.

أما محله من الصلاة فالجمهور وظاهر روايات الباب أنه بعد الرفع من الركوع وبعد قول سمع الله لمن حمده. قال الحافظ ابن حجر: وظهر لي أن الحكمة في جعل قنوت النازلة في الاعتدال دون السجود، مع أن السجود مظنة الإجابة، كما ثبت "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" وثبوت الأمر بالدعاء فيه أن المطلوب من قنوت النازلة أن يشارك المأموم الإمام في الدعاء ولو بالتأمين، ومن ثم اتفقوا على أنه يجهر به. بخلاف القنوت في الصبح فاختلف في محله وفي الجهر به. اهـ.

وقيل: القنوت كله قبل الركوع، ويفسر هؤلاء قول أنس في الرواية السادسة "بعد الركوع يسيرًا" أي وقبل الركوع كثيرًا، ومعنى هذا أن ما صرحت به الروايات من أنه بعد الركوع فمن القليل، ويتمسكون بظاهر الرواية التاسعة، وأن القنوت قبل الركوع.

ويقول في قنوته نحوا مما قال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقد روي أن عمر رضي الله عنه كان يقول في قنوته: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يكذبون رسلك، ويقاتلون أولياءك، اللهم خالف بين كلمتهم، وزلزل أقدامهم، وأنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين.

ثانيًا: وأما القنوت في غير النازلة فقد قال مالك والشافعي: يسن القنوت في صلاة الصبح في جميع الأزمان، لأن أنسًا قال: "مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا" رواه أحمد، وكان عمر يقنت في الصبح بمحضر من الصحابة وغيرهم.

أما في الوتر في النصف الثاني من رمضان فالمشهور عند الشافعية استحباب القنوت فيه، وروي عن مالك أن القنوت في الوتر بدعة.

وقال أبو حنيفة وأحمد لا يسن القنوت في الصبح ولا غيرها من الصلوات سوى الوتر في جميع السنة، وفي رواية عن أحمد أنه لا يقنت إلا في النصف الأخير من رمضان قال النخعي: أول من قنت في صلاة الغداة علي، وذلك أنه كان رجلاً محاربًا يدعو على أعدائه، وروى سعيد عن أبي هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت في صلاة الفجر إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم"، واستدلوا للوتر بما روي عن أبي "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع"، وعن علي "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك". قالوا: ولفظ "كان" للدوام قالوا: ولأنه وتر فيشرع فيه القنوت، لأن القنوت ذكر فيشرع في الوتر كسائر الأذكار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015