الأول: في الرؤية بإرادة الإخبار، لما أنها سبب الإخبار غالبًا، فالعلاقة السببية.
والثاني: في الاستفهام بإرادة مطلق الطلب بدلاً من طلب الفهم، فالعلاقة الإطلاق بعد التقييد، فآل الأمر إلى طلب الإخبار المدلول عليه بلفظ أخبروني.
(لو أن نهرًا) "لو" حرف يختص بالدخول على الأفعال، وأن يكون له جواب، لهذا قدروا فعلاً محذوفًا بعده، أي لو ثبت نهر، واعتبرت جملة الاستفهام "هل يبقى من درنه شيء" قائمة مقام الجواب، أي لو ثبت وجود نهر صفته كذا وكذا ما بقي من الدرن شيء، والنهر بفتح الهاء وسكونها ما بين جنبتي الوادي، سمي بذلك لسعته، وكذلك سمي النهار لسعة ضوئه.
(بباب أحدكم يغتسل منه) الجار والمجرور خبر "أن" وجملة "يغتسل" خبر ثان، والغرض من التعبير بباب أحدكم إفادة القرب والسهولة واليسر.
(هل يبقى من درنه شيء)؟ "يبقى" بفتح الياء، و"شيء" فاعل و"من درنه" جار ومجرور حال من "شيء" وأصله صفة له، فلما قدم صار حالاً، و"الدرن" الوسخ، وقد يطلق الدرن على الحب الصغير الذي يحصل في بعض الأجسام، لكن الأول هو الظاهر، لأنه هو الذي يناسبه الاغتسال والتنظف.
قال ابن العربي: وجه التمثيل أن المرء كما يتدنس بالأقذار المحسوسة في بدنه وثيابه، ويطهره الماء الكثير. فكذلك الصلوات تطهر العبد عن أقذار الذنوب. اهـ. فالكلام على تشبيه التمثيل. بأن شبهت هيئة الصلوات الخمس ويسرها وتأثيرها في محو الذنوب بهيئة المستقذر في بدنه يغتسل من نهر جار أمام بيته خمس مرات في اليوم.
(كمثل نهر جار غمر) بفتح الغين وسكون الميم، أي كثير المياه.
(من غدا إلى المسجد أو راح) الغدو الذهاب أول النهار، والرواح الرجوع آخره، ولكن المراد بالغدو والرواح هنا الدوام، كالبكرة والعشي في قوله تعالى: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيًا} [مريم: 62].
(أعد اللَّه له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح) النزل بضم النون وضم الزاي وسكونها، وهو ما يهيأ للقادم من أنواع ومظاهر التكريم والمعنى هيأ اللَّه له في الجنة نعيمًا خاصًا يستقبل بقدر غدوه إلى المسجد ورواحه منه، وبقدر وعدد ما يبذل في ذلك من خطوات ومشاق.
(قال: نعم كثيرًا) "كثيرًا" صفة لمصدر محذوف، تقديره: نعم أجالسه جلوسًا كثيرًا.
(وكانوا يتحدثون) أي في مجلسه صلى اللَّه عليه وسلم بعد صلاة الصبح.
(فيأخذون في أمر الجاهلية) ويذكرون ما كانت عليه من مضحكات وعادات أبطلها الإسلام، كالطيرة والتقرب إلى الأصنام.