-[المباحث العربية]-
(أولكلكم ثوبان) الواو عاطفة على محذوف، والاستفهام إنكاري بمعنى النفي، والتقدير: أأنتم قادرون ولكل منكم ثوبان؟ أي لستم قادرين وليس لكل منكم ثوبان.
(لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد) قال ابن الأثير: كذا هو في الصحيحين "لا يصلي" بإثبات الياء، فهو خبر بمعنى النهي، وفي رواية "لا يصل" على أن لا ناهية، وفي أخرى "لا يصلين".
(ليس على عاتقه منه شيء) "العاتق" هو ما بين المنكبين إلى أصل العنق، وهو مذكر، وحكي تأنيثه.
(يصلي في ثوب واحد مشتملاً به) وفي الرواية السابعة "متوشحًا به" وفي الرواية الخامسة "قد خالف بين طرفيه" قال النووي المشتمل والمتوشح والمخالف بين طرفيه معناها واحد هنا. وهو أن يأخذ طرف الثوب الذي ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى، ويأخذ طرفه الذي ألقاه على منكبه الأيسر من تحت يده اليمنى، ثم يعقدهما على صدره.
(وعنده ثيابه) في رواية للبخاري "وثيابه موضوعة على المشجب".
-[فقه الحديث]-
قال النووي: يستحب أن يصلي الرجل في أحسن ثيابه المتيسرة له، ويتقمص ويتعمم، فإن اقتصر على ثوبين فالأفضل قميص ورداء، أو قميص وإزار، أو قميص وسروال، وإذا أراد الاقتصار على ثوب واحد فالقميص أولى [وقميص العرب أشبه بقميص الفلاح يستر ما تحت الركبة] لأنه أعم في الستر، ولأنه يستر العورة ويحصل على الكتف، فإن كان القميص واسع الفتح بحيث إذا نظر رأى العورة زره ولو بشوكة [دبوس] فإن لم يكن قميص فالرداء أولى لأنه يمكنه أن يستر به العورة ويبقى منه ما يطرحه على الكتف، فإن لم يكن فالإزار أولى من السراويل، وقيل السراويل أولى.
ثم قال: والنهي عن الصلاة في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء للتنزيه، فلو صلى مكشوف العاتقين صحت صلاته مع الكراهة عند الشافعية، ومالك وأبي حنيفة وجمهور السلف والخلف، وقال أحمد وطائفة قليلة: يجب وضع شيء على العاتق لظاهر الحديث.
ويؤخذ من الرواية التاسعة جواز الصلاة على شيء يحول بينه وبين الأرض، من ثوب وحصير وصوف وشعر وغير ذلك، وسواء نبت من الأرض أم لا.
وهذا مذهب الشافعية والجمهور، وقال القاضي عياض: أما ما نبت من الأرض فلا كراهة فيه، أما البسط واللبود وغيرها مما ليس من نبات الأرض فتصح الصلاة فيه بالإجماع، لكن الأرض أفضل إلا لحاجة حر أو برد أو نحوهما، لأن الصلاة سرها التواضع والخضوع. ذكره النووي.