(ملء السموات والأرض) "ملء" بنصب الهمزة ورفعها، والنصب أشهر، وحكي عن الزجاج أنه يتعين الرفع ولا يجوز غيره، وبالغ في إنكار النصب، والأول أصح.

قال العلماء: معناه: لك الحمد حمدا لو كان أجساما لملأ السموات والأرض.

(اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد) استعارة للمبالغة في الطهارة من الذنوب وغيرها، وإجراء الاستعارة بتشبيه التوبة والندم والاستغفار بالثلج والماء البارد بجامع التطهير والتنظيف بكل، وحذف المشبه وأقيم المشبه به مقامه على سبيل الاستعارة التصريحية، والأصل طهرني من ذنوبي بالتوبة والاستغفار والندم التي هي في تطهير الذنوب كالثلج والبرد والماء في تطهيرها للثياب.

(اللهم طهرني من الذنوب والخطايا) قال النووي: يحتمل أن يكون الجمع بينهما كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى: {ومن يكسب خطيئة أو إثما} [النساء: 112] قال: الخطيئة المعصية بين العبد وبين الله تعالى، والإثم بينه وبين الآدمي. اهـ

ويحتمل أن يكون عطف مرادف مبالغة في التذلل والاعتراف بالتقصير.

(كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ) الوسخ والدرن والدنس كله بمعنى واحد، والمعنى اللهم طهرني طهارة كاملة معتنى بها كما يعتنى بتنقية الثوب الأبيض من الوسخ.

(أهل الثناء والمجد) "أهل" منصوب على النداء، قال النووي: هذا هو المشهور، وجوز بعضهم رفعه على تقدير: أنت أهل الثناء، والمختار النصب والثناء الوصف الجميل والمدح، والمجد العظمة ونهاية الشرف وفي رواية أهل الثناء والحمد وله وجه اهـ

(أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد) هكذا هو في مسلم وغيره "أحق" بالألف، و"كلنا" بالواو، وأما ما وقع في كتب الفقه "حق ما قال العبد، كلنا" بحذف الألف والواو فغير معروف من حيث الرواية، وإن كان صحيحا، وعلى الرواية المعروفة تقديره: أحق قول العبد لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت إلخ، واعترض بينهما بقوله: "وكلنا لك عبد".

والاعتراض هنا للاهتمام مع ارتباطه بما قبله وما بعده. كذا قاله النووي بتصرف.

(ولا ينفع ذا الجد منك الجد) ذا الجد المشهور فتح الجيم هكذا ضبطه العلماء المتقدمون والمتأخرون، قال ابن عبد البر: ومنهم من رواه بالكسر. قال: وهذا خلاف ما عرفه النقل.

قال: ومعناه على ضعفه الاجتهاد، أي لا ينفع ذا الاجتهاد منك اجتهاده، إنما ينفعه وينجيه رحمتك. وقيل المراد "ذا الجد" والسعي التام في الحرص على الدنيا وقيل: معناه الإسراع في الهرب، أي لا ينفع ذا الإسراع في الهرب منك هربه، فإنه في قبضتك وسلطانك، والصحيح المشهور "الجد" بالفتح، وهو الحظ والغنى والعظمة والسلطان، أي لا ينفع ذا الحظ في الدنيا بالمال والولد والعظمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015